لماذا يصر العراق على الانتحار ؟

مشاهدات

 


د. نزار محمود


من المؤكد أن عنوان المقال يثير استغراباً وربما استهجاناً واتهاماً بالتشاؤمية لكني ادعو القارىء الكريم الى التريث في الحكم والى حوار هادىء . تفضلوا بالجلوس على مائدة مستديرة لنتناول سوية ذلك العراق دستورياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ونرى هل يصح ما ذهب اليه عنوان المقال .


عراق اليوم دستورياً :

قد لا نحتاج الى متخصصين وفقهاء لنخلص الى ان الدستور الذي تم وضعه تحت حراب الاحتلال الامريكي الذي اسقط العراق دولة وسيادة ومؤسسات والذي أقره شعب لا يتمتع بأهلية القرار حينها هو دستور اعور وأعرج وكسيح لا يقدر على المسير كما اثبتت السنوات الخمسة عشر التي تلت اقراره بشهادة الجميع وفي مقدمتهم من وضعه من احزاب وقوى على اختلاف مواقفهم التي قامت  على مصالحهم الضيقة والخاصة . فالدستور لم يحافظ على سيادة العراق ولم ينجح في رص صفوف الشعب ولم يفلح في بناء هوية وطنية، ناهيك عن خلق مشاعر انتماء حقيقية .


عراق اليوم سياسياً :

ان جميع الاحزاب والقوى السياسية في عراق اليوم هي أحزاب لا وطنية بالمفهوم الشامل والحدي للكلمة فهي احزاب طائفية أو عرقية أو مناطقية أو دينية رغم تكتيكات تغيير المسميات عند البعض منها . انها أحزاب كتل ومجموعات بشرية تسعى الى تحقيق اهدافها ومصالحها الذاتية المتنافرة مع الاهداف والمصالح الوطنية الحقة والشاملة ناهيك عن ارتباطاتها الخارجية .


عراق اليوم اقتصادياً :

ان الاصرار على اعتماد نمط الاقتصاد الريعي للعراق في ثرواته النفطية وتحطيم قطاعاته الاقتصادية وعدم محاولة بنائها وتنشيطها والاتكال بوعي أو دون وعي على المنتج الاجنبي في اطار جني عوائد تسهيل تسويقه بالطرق المشروعة واللا مشروعة هو منهج تدميري لحاضر العراق ومستقبله .


عراق اليوم اجتماعياً :

ان الحديث عن مجتمع عراقي بنسيج وطني هو مغالطة في واقع عراق اليوم لم يعد العراقيون شعباً واحداً ! هذه المسألة اليوم ليست الحقيقة المرجوة لكنها الواقع المعاش فعراق الشمال ليس عراق الجنوب وعراق الشرق ليس عراق الغرب . كما ان ما أفرزته الحياة السياسية والاقتصادية من تفاوتات كبيرة في دخول وثروات الناس قد حفر خنادق اجتماعية عميقة بين مكونات هذا الشعب .


عراق اليوم ثقافياً :

لا يحمل العراق اليوم هوية ثقافية موحدة وطنية بفعل الانقسامات الطائفية والعرقية وتداعياتها السياسية فالشعر الوان والادب أصناف وينابيع المياه تصب في أنهار متفرقة لا أريد بهذا الدعوة الى نمط ديكتاتوري في الثقافة لكني اطمح إلى تنوع اثرائي في اطار وحدة ثقافية وطنية .


ان ما سبق عرضه من واقع العراق يشير دون لبس أو شك الى انتحاره الوطني للأسف الشديد .





تعليقات

أحدث أقدم