الهربَ من السّقوطِ

مشاهدات




ترجمة: حسن عبد الكريم

شعر"كزال ابراهيم خدر

 

ليسَ باستطاعةِ احدٍ الهربَ من السّقوطِ

 هذه الحِكمةُ كانت مكتوبةً على حائطِ

 غُرفةِ المَطرِ

 بالأحرُفِ الخُضرِ للأشجارِ

 وكنا مُلزمينَ بأن نحفظَها

 كان علينا أن نَقرأَ قِصصَ تَعذيبِ الأشجارِ

 سطراً بعد سطرٍ

نقرأُ قصةَ آلامِ السُّجونِ الخُضر

ونشيجَ بُكاءِ الأوراقِ المتساقِطةِ

 لايستطيعُ احدٌ الهربَ من السقوطِ

 يُحكى أنّهُ في الموسمِ الخريفي

لتساقطِ الإنسانِ

خلالَ حملةِ الأنفالِ

وقفَت إمرأةٌ من منطقةِ ( كرميان

امامَ بيتِ إلهِ الشّمسِ

اعتصمَتْ واضربَتْ عن السّقوطِ

فامتَدَّت جذورُها في عمقِ احضانِ الأرضِ

 لكنها يبُسَت خوفاً من غضبِ المطرِ

ولعناتِ الثلجِ

ومنذُ تلكَ السنةِ لم يستطعْ

احدٌ التهرّبَ من السقوطِ

 الخريفُ فقط يتجاسرُ على اسقاطِ

 اوراقِ الأشجارِ

 ولكن الاخضرَ لايعرفُ المواسمَ

 هؤلاء واقفون امامَ مواقدِ بيوتِنا

 في كلِّ الأوقاتِ

وجالسون حولَ مشاربِهم

يتبادلون الاقداحَ إنّهم موجودون

 داخلَ الكُتبِ

 ويصحبوننا إلى كلِّ الأمكِنةِ

انا رأيتُ الشاعرَ المجنونَ

 استَمرَّ بقراءةِ الكتبِ المقدسةِ

 إلى ان تساقطت عيناهُ الخضراوان

واختلطتا مع الحروفِ

 رأيتُهما بعينيَّ كانتا تصافحان

 التضرعَ والأدعيةَ

 اشتبكت يداهُ مع يدي التضرعِ

 فسمعَ عويلَ الأطفالِ الجياعِ

 كان يتمشى وخطوةٌ بعد أُخرى

 كان يبحثُ عن موسمٍ آخر

اكثر اخضِراراً

 فتساقطت رجلاهُ

 عندَ منتصفِ طريقِ سَفرهِ

 وسطَ مزرعةِ العمرِ المزروعةِ باللعناتِ

 لم يكنْ باستطاعةِ أحدٍ ان يعرفَ

لحظاتِ وصولِ موسمِ التساقطِ

فتتساقطُ عيناهُ

وينسى يديهِ في مكانٍ ما

وتضيعُ أذناهُ

وتفقدُ رجلاهُ آثار أقدامِ الأشجار

 لاشيءَ يؤذي حياة الإنسانِ

 اكثرُ من التساقطِ

فيوماً ما تُحمَلُ عيناهُ في حقيبتهِ

 ويوماً آخراً ينسى يديهِ في السماءِ

 ويتركهما وتظل الأرجلُ

 تأتي وتسمعُكَ لعنةَ الصراخِ

 وتضيعُ الآذانُ في كهوفِ الصّدى

 إن لم يكن اليومَ فسيكونُ غداً

كلُّ ما تملِكُهُ الروحُ من الأوراقِ

تتساقطُ على الأرضِ

 ويتساقطُ القلبُ وأجسادُنا

 علينا ان نعيدَ كتابةَ مواسمِ العمرالخضر

بضحكةٍ بمصباحِ أملٍ

على ضوءِ الآمال

تعليقات

أحدث أقدم