تسمح لي أن أخدمك

مشاهدات



ضرغام الدباغ


ذات يوم .. في السنة الرابعة من السجن كنت في القسم جالس فوق سريري أقرأ ... وإذا بأحد الأخوة النزلاء ينبهني أن أحد الحرس ينادي من الطاقة المربعة  في باب القسم .. وحين توجهت إليه كان فعلاً أحد حراس السجن وهؤلاء غالبا ما يتميزون باللطف إلا أنهم في النهاية عراقيين من لحمنا ودمنا . فإذا به أحد رجال الحرس قلت له تفضل أنت تطلبني .. قال لي بكل تهذيب دكتور تسمح  لي أخدمك أنا ذاهب لأبو غريب القرية وإذا تؤمر بشيئ أجلبه لك ومعي دراجة سأعود بسرعة  .


فكرت بسرعة أن هذا الشاب يريد أن يستفيد مني ببضعة دراهم فقلت له  من فضلك أريد كلوص سكائر سومر أسود (وكنت يومها ما أزال أدخن) لحظة لأجلب لك النقود . قال خليها عندما أعود  فترسخ ظني وبعض الظن أثم أن الشاب يريد أن ينتفع ببضعة دراهم ... وفعلا مضى الحارس الشاب وفعلاً عاد بعد وقت قصير ومعه كلوص الدخان وحاول ألا يأخذ ثمنه فأعطيته بالقوة ولما حاولت أن أعطيه مبلغا بسيطاً كهدية أو مقابل تعبه رفض بحزم  وبود واحترام قال لي أنه يريد أن يقدم لي خدمة هذا كل شيئ . وظل هذا الحارس يتردد لي حتى بعد أنتهى عمله كحارس في أبو غريب صار يأتي لمواجهتي وحين خرجت من السجن أقام  لي دعوة كبيرة ..  وما زلنا أصدقاء ليومنا هذا ...!


ماذا أريد القول ... أريد أن أخبر الناس مهما ضاقت الدنيا ودخلت جباً أظلماً حالك السواد قد يأتيك من يمد يده لك ... المهم أن تواصل أنت السباحة في بحر المستحيل ... لقد مريت بأيام .. أسابيع .. أشهر ... سنوات ..؟ سنوات طويلة جداً في جب أظلم ... اليوم صار عني بعيد ملايين الكيلومترات ...! قد تهزم مرة ولكن لا تتحطم .. واصل السباحة ... واصل الملاكمة .. واصل الكفاح .. فكل هم وحزن سينحر .. واجه الصعاب بروح قوية وعزم وإرادة ..


تعليقات

أحدث أقدم