القضاء العراقي بين الأمس واليوم . القاضي حميد العاني مثلاً .

مشاهدات

 


موفق العاني

أسمع وأشاهد عبر نشرات الأخبار من القنوات الفضائية العراقية في هذا الزمن الذي يطلقون عليه : زمن الديموقراطية عن الكثير من حالات الجريمة التي توفر فيها عنصر الأعتراف بها من قبل مرتكبيها ويُفاجأ المجتمع بعد فترة باطلاق سراحهم كونهم ينتمون الى جهة متنفذة فيما يسمى بالدولة الديموقراطية التي جاء بها الغزو للعراق عام 2003 م مع العلم أن كل قوانين الأرض تعتبر أن الأعتراف سيد الأدلة وعند مشاهدتي وسماعي لهذه الأخبار تعود ذاكرتي الى عام 1994م وكان آنذاك المرحوم الأستاذ القاضي حميد العاني أحد قضاة التحقيق في رئاسة استئناف ديالى ويحقق في موضوع دهس مواطن بين الموصل وبغداد والسيارة التي دهسته تركته على قارعة الطريق ليفارق الحياة والسيارة مسجلة بإسم أحد الأشخاص الذي يحتل مكانة اجتماعية مرموقة وقد أتخذ قراراً بحبسه على ذمة التحقيق ولكونه خال أولادي جاءني عدد من أقارب الموقوف ومعهم محامي ورجوني أن أكلمه ليطلق سراحه بكفالة ضامنة يقررها بالشكل الذي يقتنع به وأقسموا أن الرجل المسجلة السيارة بأسمه قد باعها قبل ستة أشهر من الحادث وكان معهم ورقة مكاتبة بالبيع تثبت قولهم وقال المحامي الذي كان معهم أن القانون يبيح اطلاق سراحه بكفالة حتى ولو كان هو الداهس فعلاً ولكونهم قد جاءوني في بيتي وهم من محافظة أخرى وقد جاء في الحديث الشريف ( الله في عون العبد ماكان في عون أخيه) وقالت العرب : أبخل البخلاء بخيل الجاه .. فتركتهم في غرفة الاستقبال ودخلت الى حيث مكان الهاتف واتصلت بالمرحوم حميد وعندما كلمته عن الموضوع قاطعني قائلا : 

أنت عزيز عندي ولكن أرجو أن لا تكلمني في موضوع يخص القضاء فهذه روح انسان وقام بأغلاق الهاتف فاعتذرت لضيوفي الذين شكروني وعادوا من حيث أتو وفي نفس اليوم اتصل به مسؤول كبير من بغداد طلب منه نفس الطلب ولكنه ذهب في صباح اليوم التالي الى بغداد وأخبر مدير مكتب الوزير بذلك ولم تمر 24 ساعة حتى وصلت أخبار بطرد هذا المسؤول من مسؤوليته واعتبر متدخلاً بشؤون القضاء رغم براءة الشخص من الحادث الذي لم يكتمل التحقيق في قضيته حيث علمت فيما بعد أنه استطاع أن يثبت بعد أكثر من شهر في التوقيف براءته .. ليقول له المرحوم حميد :

 أما اليوم فنعم نطلق سراحك بدون وساطة ومعها تهنئة بثبوت برائتك .. واليوم في زمن الديموقراطية المزيفة في وطني يطلق سراح مرتكبي الجرائم بعد الإعتراف وحكم المحكمة . يالها من مأساة في وطن تغيب عنه العدالة . رحمك الله أبا مصطفى فقد كان الحق هدفك لا تخشى في إحقاقه لومة لائم أو مجاملة قريب أو بعيد أو صاحب سلطة وياويل قاضي الأرض من قاضي السماء عندما يخالف قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ).....!!!!!!!!

في الصورة الاولى القاضي حميد العاني مع زميله وصديقه هيثم أحمد حسن البكر عندما كانا طالبين في كلية الحقوق ببغداد رحمهما الله . وفي الثانية لوحده . 







تعليقات

أحدث أقدم