حُبَيْبَاتُ نَظَريَّةِ المُؤامَرة

مشاهدات

 





علي الجنابي



قلتُ لجَليسي ذي رَبطةِ عُنُقٍ ألوَانُها فاقِرة : رَحِمَ اللهُ "عبدَ النَّاصر" رشيدَ الشّعوبِ عَميدَ ثَوراتِ تحرّرٍ ثائرة  رَدَّني جليسي بِتَوبيخٍ : فقيرُ فكرٍ يا أنتَ ومُصابٌ ب(عنترياتٍ) لقوميينَ وما حَوَت مِن مُكابرة ! فأستَسمَحتُهُ : وإذاً فأنعِمْ بالإسلامِ مِنهاجاً وهّاجاً وأكرِمْ بهِ دَرَجاً مِعراجاً وسراجاً في ظلماتِ حياةٍ رُحانا فيها دائرة ؟ سَخِطَ عليَّ مُتَهَكِّماً : أعُوذُ مِن تَخَلُّفٍ فيك جُذورُهُ ضاربةٌ في العَظمِ وللتَحَضّرِ قاهرة وأستَعيذُ بحَضارةِ غَربٍ غَزَتِ النُّجومَ ومَراصدُها بين كواكب الأكوانِ باهرة ! 

وَيْ! قد تَهَطّلَت شفتايَ عن مُناكفةِ جليسي وهو ونيسي ومُرشدي في عَوالمِ فكرٍ حائِرة فَسَكَتُّ هُنيهَةً ثمَّ نَكَتُّ لهُ وعلى إستحياءٍ فَدَعنا إذاً نَركبُ بُغَيلاتِ لينينَ وماركسَ رافساتٌ للدّينِ وكلُّ عقيدةٍ عندهنَّ كافرة ؟ استاءَ جليسي مِن صَهْلي بِجَهْلي وسَاءَ مِن رَغْوي بِلَغوي ومِمّا إختَزَنتُ من خاطِرة ! فقَرَعَني مِن عُلوٍّ ما بالُكَ تَنقَلِعُ مِن حُفرَةٍ لتَقَعَ في دَحْدَرةٍ ! أمِنَ إسلامِ عمائمَ وقومياتٍ بائرةٍ الى أوهامِ قمائمَ ولينيناتٍ فَاجِرَة ! فإبتَهلتُ له : إذَن فاهدني يا ذا دخترةٍ لبطونِ العلمِ باقرة ولبحورِ الفَهمِ ماخرة لسبيلٍ يَنقُذُ أولادي في أمّةٍ حائرة وتتلظّى بشَررٍ من أمَمِ أرضٍ جائِرة أمَّةٌ غَزَتْها أكوانٌ من خَبَثٍ ومِن مَكرٍ وألوانٌ من عَبَثٍ ومن مُؤامَرة ؟ وهنا قامَ جليسي مُرتاعاً فإستَقامَ مُلتاعاً يُزَمجِرُ أوَتُؤمِنُ يا أنتَ " بِنَظريةِ المُؤامَرة " ! فوالله ما أراكَ إلّا غاطِساً في جُبِّ جَهلٍ عُيونُهُ في سَحيقِ ظُلَمٍ غائِرة .

وَيْحَ عَينَيَّ ! أأغضَبتُكَ يا ونيسي بتساؤلاتٍ منّي ثَرثارةٍ عاثِرة ! ومَن عَسايَ أن أسألَ وأنتَ (مفكَري) الجَهبذُ وربطةُ عُنُقِكَ بينَ مَلَفّات المُخابراتِ والكتبِ مُتدلّيةٌ وسَوّاحَةٌ سائِرة ! ولكن لِمَ إجاباتُكَ كمثلِ لكَماتِ لمَخمُورٍ على وجهي بِقبضاتٍ مِنهُ خائِرة رغمَ أنّي لربطةِ عنقكَ عابدٌ وناسِكٌ ولكتاباتِكَ حامدٌ وماسِكُ وسالِكٌ في ربوعِ فلسفتِكَ الساحرة !

ثَمَّ... إستجمَعْتُ أطلالَاً من عِلمٍ عندي وظِلالَاً من فَهمٍ مِن هنديّ بتوابلَ وحاضِرة فَزأرتُ بِهما لجليسي بزأرةٍ غيرِ ناظِرة، كَزَأرةِ لَيثٍ أو جَأرة قُرصانٍ أو زَعيمٍ لِجَبابرة : قَد طَفَحَ الكَيلُ مِن هَلْسِكِ يا ربطةُ عُنُقٍ ومن ردودٍ فيها بليدةٍ خاسرة ! بَلى أؤمِنُ يا مُفَكّري "بِنَظريةِ المُؤامَرة" ! وأشهدُ ألا نَظريةَ إلّا "نَظَريَّةُ المُؤامَرة" وأشهدُ ألا يُسَيِّرَنا إلّا (جويستيك) لُعبةِ المُؤامَرة وأشهدُ أنّا كحُبَيباتِ سمسمَ مُتراقصاتٍ في صِينيَّةِ المُؤامَرة وأشهدُ أنَّ رُدودَكَ القَمعيّةِ هذهِ هيَ لُبُّ  نَظَريَّةِ المُؤامَرة "ولوما قَمعُكَ وإذ أنتَ جُنديُّ في إعلامِ المُؤامَرةِ لكَانتِ أنفاسُ شبابِ أمَّتي لِخُيوطِ الشَّمسِ آمِرة .

(بَلَشْتُونا) يا(مُفَكِّرُ) بِ لَغوِكُمُ وبأربطةِ عُنُقٍ عندكُمُ مَعَ الحَقِّ لا تَتَوافَقُ وعنهُ نافِرة ومَعَ الباطِل تَتَواثقُ بوثيقٍ من آصِرة فَتَراها تَرجُمُ إحساسِنا غيرَ آبهةٍ بكرامةٍ فينا خادرة وتراها تَلجُمُ لِسانَنا وهي عن الأصالةِ حاسِرة وسافِرة .                 


تعليقات

أحدث أقدم