الخلفيات والاهداف السياسية في نشوء اشكالية الأقليات في الوطن العربي

مشاهدات

 




د . نزار محمود


موضوع  الأقليات في الوطن العربي أصبح  واحداً من اكثر الموضوعات حساسية واثارة للقلق والنزاعات السياسية والمجتمعية . ولأغراض المقال فإني أعني بالأقليات في بلدان الوطن العربي انهم النسبة البشرية القليلة في اي مجتمع اكثريته مجموعة أخرى في أثنيتها أو دينها أو مذهبها أو أية خاصية اجتماعية أو ثقافية أخرى أو ربما حتى مناطقيه .


وتاريخ بلدان ومجتمعات الوطن العربي قد شهد كثيراً من الزمن و الأحداث والصيرورات التكوينية ليصل الى ما هو عليه الآن من تركيبات اجتماعية وسياسية وثقافية ان بحث وتتبع هذه السيرة ليس مجاله، بالطبع مثل هذا المقال المقتضب . وبسبب ما تمر به بلدان ومجتمعات الوطن العربي وما تعانيه من حالة ضعف وتخلف وتبعية وهزيمة تتحمل مسؤوليتها الاكثريات فيها فقد برزت اشكالية الأقليات في هذه البلدان والتي أحاول في هذا المقال ابراز دور العوامل السياسية في نشوء اشكالية الاقليات وتأجيجها .


وفي عرض ذلك ارتايت تبويبها إلى  العوامل الخارجية : 

أولاً : العوامل السياسية المتعلقة بالأكثرية : وأعني بها جميع العوامل التي تتمثل بسعي الأكثرية للاستحواذ على السلطة والاحتفاظ بها من خلال اعتماد وفرض ثقافة الاكثرية عربية أو دينية أو مذهبية أو حتى مناطقيه الأمر الذي يحفز الأقليات الى البحث عن أناها الأقلية والدفاع عنها . فالكردية أو الأمازيغية أو الدرزية وغيرها مثلها مثل المسيحية أو الدرزية أو العلوية أو الشيعية أو السنية هي أمثلة على ردود الفعل على هيمنة الأكثرية وسعيها للتسلط بالاستعانة بعوامل قوتها .


ثانياً: العوامل السياسية المتعلقة بالأقليات : وأعني بها عوامل ردود الفعل وسعي قيادات الاقليات والطامحين منهم لسلطات ومراكز سياسية واجتماعية من خلال تبني حقوق ومشروعيات الأقليات في حكم ذاتها وتبني خصوصياتها أو ربما من خلال الاستيلاء على السلطة وحكمها بقبضة حديدية اقلية .


ثالثاً: العوامل الخارجية : والتي تتربص الظروف والخصوصيات في المجتمعات الاخرى لاحكام سيطرتها أو على الأقل لتأمين مصالحها من خلال تدخلاتها في بلدان الهشاشة السياسية . ومن أجل وفي سبيل ذلك تبحث تلك الدول الخارجية في مجالات حقوق الإنسان والشعوب ما ييسر  لها ويعينها على تحقيق مطامعها .



في الختام  وددت ذكر الملاحظات التالية :

- ليس هناك من مجتمع أو دولة تتشكل من عرق أو دين أو مذهب واحد كما ليس هناك من دولة يعيش ابناؤها سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً بصورة متساوية مطلقة .

⁃ تظهر اشكالية الاقليات غالباً في المجتمعات التي تمر في مراحل ضعف أو تبعية .

⁃  تعبر هيمنة الاكثرية ونشوء  نزاعات الاقليات ضد الاكثرية عن تخلف سياسي واجتماعي وغياب المواطنة والدولة المدنية المتحضرة واهتزاز منظومة حقوق الإنسان .

⁃ غالباً ما تحاول القوى الخارجية الطامعة الى عون اقلية ما للاستيلاء على السلطة لحاجتها للحماية الخارجية وبالتالي بقائها حبيسة التوجيه والتبعية من ناحية  أو تأليبها ضد سلطة الاكثرية لابتزازها واستنزافها من ناحية أخرى  وغالباً ما تسعى الى الحفاظ عليها كأقلية تابعة للاستفادة منها كأداة لتحقيق مصالحها .

⁃ ليس هناك من حل لاشكالية  الأقليات  الا بالعدالة السياسية والتحضر المدني وفي ظل دولة القانون والمواطنة . 


تعليقات

أحدث أقدم