عندما تكون مسنوداً من المتنفذين

مشاهدات




نصار النعيمي


تمر الايام في بلادنا ثقيلة، في كل موسم حاجات يسعى المواطن العراقي لتحقيقها، شتاءً يبحث فيه عن النفط الابيض للتدفئة، وصيفاً يتودد لصاحب المولدة عسى ان يرحمه ويعيد مفتاح الطاقة عند انهياره في ظل ازمة الكهرباء الوطنية التي اصبحت في العراق أزمة كونية لا يمكن حلها رغم تعاقب الحكومات وتخصيص الكثير من المليارات لم تسهم ولن تسهم في تحسين الطاقة الكهربائية.


أما على الصعيد العام ومتابعة الحقوق الشخصية، فيتطلب من المواطن العراقي أن يكون لديه متنفذاً، أو مسؤولاً حكومياً حتى يتمكن من انجاز معاملاته الشخصية وما أكثرها في بلادنا.


في الموصل تعرضت العديد من الدور والمحال التجارية في المنطقة القديمة وغيرها، الى الدمار والخراب بسبب الاعمال العسكرية والحربية لدحر تنظيم داعش.


اكثر من سبعين الف عائلة موصلية تقدمت بطلب التعويض وفق لقرار الحكومة المركزية لتعويض المتضررين، صودقت وسلمت استحقاقات عدد قليل منها ونعدها، خجولة نسبة الى محافظات اخرى مثل الانبار وديالى اذا ما قارنا حجم الدمار الهائل في نينوى ونسبة سكانها بباقي المحافظات العراقية.


بعد مرور ثلاثة اعوام على تعويض المتضررين تبين، أن البعض من المتضررين تضرر داره او ما يملك تضرراً بسيطاً، رغم أن بعضهم لا يمتلكون سنداتً سكنية اصلية والبعض الاخر، اراضٍ زراعية، تم تعويضهم بمبالغ مالية تصل لأكثر من مئة مليون دينار عراقي بدعم النواب والمسؤولين والمتنفذين وزيارة لجنة التعويضات المركزية في العاصمة بغداد، حيث قالت لنا العصفورة ان احدى النائبات عن نينوى سابقاً حصلت على تعويض بمبلغ أكثر من 17 عشر مليون دينار عن تكسر بعض زجاج منزلها الفاخر في حي سكني فخم، بينما الاف الدور الصغيرة في المنطقة القديمة التي دمرت بالكامل وقتل اصحابها ما زال من بقى منها يكافح لإنجاز معاملته التي خصص له مبالغ زهيدة تقدر ب مليون او مليونين، ولم تكتمل معاملته لحد الان.



مصدر رسمي من حكومة نينوى المحلية أوضح ان الحكومة المركزية ومن ضمن تخصيصات وزارة المالية لتعويض المتضررين في نينوى خصصت مبلغ ثمانية وعشرين مليار دينار عراقي لتعويض 600 معاملة منجزة فقط لعام 2021 تضررت منازلهم وممتلكاتهم ومحالهم التجارية، وهو أمر جيد، ولكن تبين فيما بعد أن هؤلاء من تم انجاز معاملاتهم من اللجنة المركزية في بغداد بدعم واسناد المتنفذين ومثلما ذكرنا المبالغ المخصصة لهم تزيد بأكثر من عشرين ضعفاً عن الفقراء المتضررين الاساسيين من المنطقة القديمة والذين خصصت لهم مبالغ خجولة لا تكفي لإعادة بناء غرفة واحدة.



وبحسب سكرتير لجنة التعويضات الفرعية للمتضررين في نينوى هناك اكثر من 10000 الاف معاملة انجزت في المحافظة بعد قرار ترحيل من ضرره أقل من ثلاثون مليون دينار فقط عن طريق محافظة نينوى، تنتظر التخصيص من وزارة المالية.




من جهته خمن احد العاملين على هذا الملف مطالباً عدم ذكر اسمه خوفاً من المسائلة، ممكن ان تحتاج هذه المعاملات المنجزة مبلغ خمسة وثلاثون مليار دينار عراقي فقط لتنقذ عشرة الاف عائلة عراقية من التشرد والنزوح ويعودوا الى بناء منازلهم البسيطة في قديمة الموصل المدمرة منذ سنوات.


مفارقة كبيرة عندما تكون مدعوماً بمتنفذٍ او مسؤول يمكنك ان تحصل على حقوقك بامتياز بل غالباً على الحد الاعلى من حقك، وعندما يكون العكس فانك لن تحصل بسهولة على حقوقك وان حصلت عليها فهي أقل بأضعاف مما يحصل عليها المدعوم من المتنفذين.


تعليقات

أحدث أقدم