على واشنطن تجاوز السلطة الفلسطينية لتقديم المساعدة لغزة

مشاهدات



لقد كانت هناك محاولة مؤخرًا من قِبَل الولايات المتحدة لاستخدام السلطة الفلسطينية كوسيط  لضمان وصول المساعدات إلى غزة في أيدي المدنيين وألا تقع في أيدي حماس الجماعة الإرهابية التي تسيطر حاليًا على الأراضي الفلسطينية إلا أن دلالة هذه المحاولة وما قد تكون عليه طموحاتها على المدى الطويل  يستحق المزيد من التمعُّن .


إن الاعتماد على السلطة الفلسطينية  كوسيط للاستقرار في الصراع العربي - الإسرائيلي أمرٌ غير مدروس وذلك لأن الشراكة مع جماعة متورطة بذاتها في أنشطة إرهابية من أجل وقف الإرهاب هي انعدام للمنطق . ومن السهل أن ننسى أن الكونغرس الأمريكي في قانونه لمكافحة الإرهاب لعام 1987م كان قد قرر أن منظمة التحرير الفلسطينية والهيئات التابعة لها راعية للإرهاب وتهدد المصالح الأمريكية والسلطة الفلسطينية تقع تمامًا تحت طائلة هذا القانون . وعلى الرغم من التنازل عن الشروط المرتبطة بالقانون من قبل جميع الإدارات التي سبقت إدارة دونالد ترامب إلا أن القانون نفسه لا يزال قائمًا  بل في الواقع تم تعزيز ذلك القانون بإقرار قانون تايلور فورس في عام 2018 م الذي يقطع التمويل الأمريكي للسلطة الفلسطينية حتى توقف ما وُصف ببرنامج الدفع مقابل القتل حيث يعطي البرنامج مخصصات لعائلات المواطنين الفلسطينيين الذين قتلوا أو سجنوا بسبب جرائم ارتكبوها ضد إسرائيل وبهذا فهو في الواقع يدعم النشاطات الإرهابية .


يُذكر أن الصراع العنيف الذي وقع مؤخرًا بين الإسرائيليين والفلسطينيين زادت حدته بعد تأييد السلطة الفلسطينية للإقامة يوم الغضب ضد إسرائيل . إن الخطوة غير المنطقية للتحرك نحو السلام من خلال الشراكة مع السلطة الفلسطينية من أجل إغاثة غزة تؤكد أن السكان الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية بحاجة حقيقية إلى منظمة جديدة توفِّر المنفعة للفلسطينيين منظمةٌ لا تكون خاضعة لمكائد فاسدة من حماس والسلطة الفلسطينية  وسبق للأمم المتحدة أن اتهمت حماس بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية كما أن نظام حماس السخيف للغاية الخاص بالرسوم الجمركية على الواردات - والذي يتحمل المستهلك في غزة تكاليفه - يُظهر استعدادها لاستغلال مواطنيها إلا أن الفساد لا يقتصر على حماس فقط . والسلطة الفلسطينية أيضًا مذنبة باتخاذ مثل هذه الإجراءات حيث تشتكي دائمًا من عدم كفاية الأموال لخدمة الشعب بيد أن هذا لم يمنع الرئيس محمود عباس من شراء منزل بتكلفة بلغت 32 مليون دولار وطائرة خاصة بـ 50 مليون دولار وكتب محمد عارف مسعد الذي يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة للسلطة الفلسطينية والذي سبق وأن أمضى فترة في السجن بسبب أنشطة إرهابية في وقت سابق من هذا العام : إن القادة الفلسطينيون لا يريدون الحرية ولا يريدون السلام  لأنهم  يستفيدون من الحرب والدمار التي تعصف بنا ... إن أي أموال ترسلها للسلطة الفلسطينية  تزيد من قوة الديكتاتور والإرهابيين واللصوص الذين يجوعون شعبي الفلسطيني . ومع ذلك على الرغم من الإفلاس الأخلاقي للسلطة الفلسطينية، كرر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق من هذا الأسبوع القول بأن واشنطن ستعمل في شراكة مع الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية لتوجيه المساعدات هناك بطريقة يُبذل فيها جهد كبير من أجل وصولها إلى أهالي غزة .


إذا كانت الحكومات الأجنبية جادة في مسألة مساعدة الشعب الفلسطيني فيجب أن يكون الهدف هو تأسيس وجهة نزيهة لتلقي مثل هذه المساعدة - وجهةٌ لا تعتمد على الجماعات التي بقيت بشكل ضعيف فقط خارج قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية . إن الرد المعقول على عدم وجود مثل هذه الوجهة، هو تأسيس واحدة جديدة، فوجود منظمة غير حكومية جديدة - تمولها الدول العربية والولايات المتحدة والقوى الأوروبية المهتمة -  من شأنه أن يساعد في إنشاء قاعدة سلطة بديلة تركز بشكل أساسي على رعاية المجتمع الفلسطيني . على الرغم من أن هنالك بالتأكيد عقبات أمام تأسيس مثل هذه المنظمة بما في ذلك مسألة تحديد موظفيها، إلا أن فعاليتها الفورية في غزة ستكون ذات شقين فتواجد مثل هذه المنظمة سيوفر وجهة لضمان وصول المساعدات للفلسطينيين إلى السكان المدنيين وأيضًا سيزيل خطر الوثوق بقناة تابعة لطرف ثالث وفي الحقيقة قلصت بعض الدول العربية المساعدة المالية للسلطة الفلسطينية جزئيًا بسبب عدم كفاءتها بشكل عام. والاتفاقيات الإبراهيمية غير المسبوقة تًعد تأكيدًا آخر على هذا السخط بشأن السلطة الفلسطينية . وعلى المدى الطويل يمكن أن يؤدي تأسيس منظمة جديدة من هذا النوع إلى إنشاء قاعدة سلطة بديلة للشعب الفلسطيني إذا ما كان الهدف النهائي هو تخليص غزة من الإرهابيين فمن المؤكد أنه لن يتم الوصول إلى هذا الهدف من خلال تمكين منظمة لها صلات بالإرهاب وإن كانت معارضةً لحركة حماس .


أخيرًا فإن تأسيس مثل هذا الهيكل التنظيمي سيسمح للولايات المتحدة بمساعدة الشعب الفلسطيني دون انتهاك قانون تايلور فورس الخاص بها وبالنظر إلى أن السلطة الفلسطينية تنفق ما يقارب من 7% من ميزانيتها على برنامج الدفع مقابل القتل فإن إزالة السلطة الفلسطينية من معادلة تقديم المساعدة سيضمن تحويلًا أنقى للأموال وفي الواقع  إن أي شيء أقل من ذلك يمكن أن يؤدي إلى غسيل أموال دافعي الضرائب الأمريكيين مقابل الإرهاب . يجب على أولئك الملتزمين بمساعدة الفلسطينيين أن يدركوا أن المؤسسات الحالية المكلفة بالقيام بهذا الأمر فاسدة وليست ذات كفاءة وتُحركها مصلحة ذاتية ومعالجة هذه المشكلة المزمنة تبدأ بإزالة السلطة الفلسطينية من معادلة تقديم المساعدات . كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 2004 ورئيسًا للسلطة الفلسطينية منذ عام 2005  لم يفعل السيد عباس شيئًا يذكر من أجل تغيير حقيقة أن كلا المنظمتين راعيتان للإرهاب وقد حان الوقت لتقديم شعارات جديدة لأولئك الذين يتظاهرون حاليًا من أجل السلام في الشرق الأوسط : استبدلوا منظمة التحرير الفلسطينية بمنظمة غير حكومية  واستبدلوا السلطة الفلسطينية الفاسدة وأقضوا على مسألة الدفع مقابل القتل .


المصدر : ذي ناشيونال نيوز/ الإماراتية

تعليقات

أحدث أقدم