السيدة العجوز

مشاهدات


 


بنين السعدي


عند عودتي من الجامعة في حوالي الساعة الثانية ظهرا

رأيت سيدة عجوز تحمل اغراضا . انحناءات ظهرها كسرت قلبي

هممت لمساعدتها وايصالها الى المنزل

لا اعلم ما الذي يجبر سيدة في الثمانينيات على السير هكذا لوحدها

عزمت على تأجير تكسي كي نصل بأسرع وقت

اخبرتني : بصوت منخفض انها لا تملك الاجرة

قلت : لابأس جدتي انا سأوصلك .

واثناء سيرنا خطرت ببالي بعض الاسئلة

جدتي : اليس لديك ابناء يجلبون لك اغراضك؟

ما الذي ارغمك على الخروج في هذا الوقت ؟ ... تكاد الحرار ان تحرق رأسها؟

جدتي اليس معك هاتف ليتصلوا بك؟

الم ينشغل بالهم عليك؟

كأنني اتحدث مع نفسي لم تجب بأي حرف

في اثناء ذلك سمعت صوت أنينها ... يا الهي انها تبكي

انا اسفة لم اقصد ان اؤذيك ولم اتمنن عليك بأي شيء فقط كنت اسأل من اجلك لا عليك ارجوك سامحيني . احتضنتها وقبلتها ...هدأت قليلا

هنا كان لابد من السؤال التالي نحن نسير مايقارب الساعة متى نصل ؟

جدتي الم نصل بعد؟

قليلا بعد . قليلا بعد .  قليلا بعد

والقليل كان ساعة ونصف

اين نحن . نحن في منطقة شبه معزولة والبيوت مدمرة كليا

 لا حياة فيها والناس قليلون لكن حالتهم يرثى لها؟

اين انا ياترى؟

لا اكذب شعرت بالخوف قليلا لكن فضولي دفعني ان ادخل البيت معها وارى حالها

. هناك ٣ اطفال ورجل عجوز . يسكنون في بيت تكاد جدرانه تقع . يجلسون على حصيرة قديمة ينتظرون السيدة العجوز كي يأكلوا . ما هذا يا الهي وماذا ارى؟

كان هناك قليلا من البطاطا والطماطم في الاكياس التي تحملها مع بعض الخبز . لم اتحمل المنظر . كنت قد طلبت من السائق ان ينتظرني فخرجت مسرعة .

لكن ناداني صوت من بعيد . انه طفل في الثانية عشر من عمره . سألني هل احمل معي بعض النقود فقط كان يشتهي ان يأكل الحلويات . تذكرت انني قد اشتريتها من الجامعة واعطيتها اياه وبعض النقود ايضا . طلبت ان يخبرني ماقصتهم ولماذا هم مهمشين هكذا وكأنهم منقطعين عن العالم ؟

قال هذه اثار الحرب سيدتي . نحن كنا في منطقة نحرث ونزرع ونرعى الاغنام والابقار ولكن الحرب دمرت كل شيء . ثم سالته عن حال السيدة العجوز ؟

قال : كان لديها 3 اولاد وبنت وارض وبعض الابقار وكانت حياتهم جميلة

استشهدوا جميعهم ولم يبقى غير احفادها وزوجها العجوز وبقرة واحد

تذهب يوميا لبيع الحليب وتأتي بالطعام لأحفادها....

هذا حال الكثيرين من الذي دمرتهم الحرب


تعليقات

أحدث أقدم