من الواقع — باني الإمارات .

مشاهدات

 


بقلم . موفق العاني

الصرح الحضاري الذي يتعالى مع الأيام ويتجدد على هذه البقعة من الوطن العربي الكبير والمتمثل في الإمارات السبع الممتدة على ساحل الخليج العربي والمطلة بعضها على البحر العربي لها قصص عندما يتحدث بها البعض يعتقد أنها ضرب من الخيال بينما هي حقيقة على الأرض يحق لكل عربي شريف أن يفخر بها فقد استطاع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طاب ثراه بحكمته ونظره الثاقب أن يجمع هذه الإمارات السبع في وحدةِ شعب وأرض ويبدأ مع اخوانه حكامها من الصفر في هذا الساحل المرتبط بصحراء رملية تنعدم فيها مقومات التحضر وعمل بدأب ليل نهار على بناء دولة يحق لأبنائها والعرب ان يفخروا بها وسلك كل مسلك من أجل تحقيق هدفه في العمران والزراعة وبناء الإنسان ..

كلامي هذا ليس دعاية لأحد ولكنها الحقيقة التي يجب أن يعرفها كل انسان حر على أرض الله وقد أعطتني السنوات التي تقارب العقدين من الزمن التي عشتها على هذه الأرض صورة واضحة المعالم لتلك المسيرة التي لا زالت تغذ السير باتجاه كل جديد في علم واقتصاد وسياسة وبناء شعب متماسك يسير صفاً متراصاً خلف قيادته التي وفرت له كل مايحلم به من عيش آمنٍ ومستقبل واعد . لقد زرت الامارات وتجولت في صحاريها ومدنها والتقيت بعدد من شيوخها وأمرائها ومثقفيها وشعرائها وشيبها وشبانها وكل واحد من هؤلاء ليس له الا القول الله يرحم زايد ) وهذا الترحم يأتي بسبب ماقدمه هذا القائد البدوي الحكيم المتواضع المفكر الذي تحدى الصعاب وذلل الخطوب وسهر الليل لينام شعبه بأمان وعمل في النهار لينعم شعبه بالراحة ورغم ذلك يجلس مابعد الظهر الى غياب الشمس في مجلس يؤمه أبناء شعبه من مختلف الشرائح ليسمع منهم ويقضي حاجاتهم ويدفع الدين عن المديون ويبني بيتاً لمن لا بيت له خصص رواتب للأرامل والمطلقات والأيتام وسبيل دخل مالي لمن لا دخل له وتابع بنفسه المشاريع العمرانية العملاقة وبناء المدارس والمستشفيات وتجهيزها بأحدث الأجهزة وأوصل الماء والكهرباء الى كل بيت ومزرعة شق الطرق وعبدها بمختلف الاتجاهات لتكون شرايين تربط الامارات ببعضها وأنار كل هذه الطرق ليسير بها السالك لا يفرق بين الليل والنهار..

ومن أروع ماسمعته من شاهد صادق هذه الرواية التي تجسد إصرار زايد رحمه الله على تحدي المستحيل : كنا نزور الشيخ المرحوم هادف بن حميد الشامسي شيخ قبيلة البوشامس من قبيلة النعيم في داره العامرة بمدينة العين في المنطقة الشرقية من إمارة أبو ظبي وفي أحد هذه الزيارات كنت والدكتور حماد الخاطري النعيمي في مجلسه برمضان عام 2008 م فقال الشيخ هادف وهو أحد الأصدقاء القريبين من الشيخ زايد : كنت مع الشيخ زايد ومعنا شخص آخر في سيارته وخرجنا من أبو ظبي قاصدين مدينة العين وكان ذلك عام 1972 وفي وسط الطريق الذي تحفه الرمال والسباخ أدركتنا صلاة العصر فتوقفنا وأخذ زايد الأبريق ليتوضأ والتفت نحوي وقال : ياأبا عبد العزيز إذا أعطاني الله عمراً سأجعل بإذنه تعالى هذه الطريق خضراء ظل أشجارها يغطي الطريق فهمس صاحبي قائلاً : إن زايد قد جرى لعقله حاجة !!! وبعد ان ابتعد قليلاً للوضوء وعاد سألني قائلاً : ماذا قال لك هذا ؟؟؟ قلت : ماقال شيئاً أطال الله عمرك !! فابتسم وقال : أنا أعلم إنه قال لك : زايد جرى لعقله حاجة !! فضحكنا وقال له صاحبنا ياأبا خليفة كيف تجعلها خضراء وهي رمال سبخة ؟؟؟ قال زايد رحمه الله : إذا أراد الله وسكت !! وصلينا العصر وواصلنا الطريق الى مدينة العين .. ومرَّت الأيام والأعوام ونسينا تلك الحادثة وفي عام 1985 جائني أحد الأخوان للبيت واخبرني ان الشيخ زايد يطلبك اليوم في أبو ظبي على الغداء فلبيت الدعوة وكنت عنده ووجدت صديقنا الذي كنا سوية في تلك الرحلة موجود وعدد من أصحاب الشيخ وبعد الغداء طلب مني ومنه البقاء والباقون استأذنوا ثم ركبنا السيارة بصحبته وتوجهنا الى العين فتوقف في نفس المكان الذي صلينا فيه العصر في السبعينات حيث بنى فيه مسجداً لمن تدركه الصلاة في الطريق والشارع الممتد بطول 150كم من ابو ظبي الى العين تظلله الأشجار والنخيل وهنا قال الشيخ : أتذكرون هذا المكان قلنا نعم وذكرنا بما قال صاحبنا : ان زايد جرى لعقله حاجة فقال صاحبي والله ياأبا خليفة ماكنت أرى في الأحلام أن هذه الرمال سينبت بها الشجر فقال الشيخ زايد : الإرادة والتوكل على الله يصنع المحال .. رحم الله الشيخ زايد والشيخ هادف وزاد الإمارات تقدماً ونجاحاً حيث يواصل أبناء زايد وأخوتهم حكام الامارات مواصلة الدرب الذي بدأه زايد …..









تعليقات

أحدث أقدم