الشاعر جمعة بن مانع الغويص

مشاهدات

 


 موفق العاني 


الشعر عامةً  يعرِّفُهُ البعض : ( على أنه الكلماتُ التي تحملُ معانيَ لغويّة تؤثّرُ على السامع أو القارئ  وأيُّ كلامٍ لا يحتوي على وزنٍ شعريّ لا يُصنّفُ ضمن الشّعر )


وللشعر عناصر خمسة تتمثل في :  العاطفة .. والخيال .. والفكرة .. والأسلوب ..والنظم إهتم العرب به منذ أقدم العصور وأقاموا المواسم للشعراء يتبارون فيها بقصائدهم في الأغراض الشعرية المختلفة من فخر ومدح وهجاء ورثاء ووصف ومن تلك الأسواق  سوق عكاظ في الحجاز  والمربد في منطقة البصرة الحالية على مدخل الخليج العربي  وقد تقلبت الفاظه ومعانيه وتعددت مراميه وأشكاله عبر الزمن وذلك لان الشاعر يتأثر بما حوله من مستجدات في العيش او الأفكار فاختلف الشعر في الفاظه ومراميه في العصر  الاسلامي الأول عنه في العصر الجاهلي وهكذا العصر العباسي وما تلاه من سقوط لبغداد واجتياح المغول لبلدان العرب وصولاً الى العصر الحاضر ..

 

الى جانب ذلك برز الشعر البدوي أو مايطلق عليه البعض ( النبطي أو الشعبي) واختلفت بحوره النظمية في القرى والأرياف والمدن عن البادية وحافظ الشعر البدوي على خصائص الموسيقى مع اختلاف بسيط في النظم عن الفصيح وهو الوليد الشرعي للصحراء يمتد عمره الى القرون الأولى من العصر الأسلامي وبالتحديد قبيل القرن الخامس الهجري حيث كان بنى هلال في نجد قبل الهجرة الى أطراف الجزيرة والمغرب العربي وبقي اهل الصحراء يهتمون بهذا الشعر في مجالسهم ومسامراتهم  وقد برزت اسماء لامعة لشعراء الصحراء منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا ولا تتسع مثل هذا العجالة التي تتحدث عن أحد هؤلاء الرموز في عصرنا الحاضر لذكرهم وهو الشاعر جمعة بن مانع الغويص السويدي من دولة الإمارات العربية المتحدة .. 


هذا الشاعر الذي أخذ بخطام القصيدة البدوية وجعلها طوع بنانه وأبدع في وصف وفخر وغزل زخر شعره بحبه لوطنه وأمته وكان لمسيرته الحياتية أثر في صقل موهبته التي أعطت ولا زالت لوحات شعرية زاهية في جميع الأغراض حيث عمل في مطلع حياته مع الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رحمه الله واكرم مثواه  الذي وحَّدَ الأرض والشعب وأسس لدولة الحضارة المتقدمة وانتقل بها من البادية لتساير ركب الزمن المتحضر وتكون في مقدمته ومع ذلك التقدم بقيت الأخلاق والطباع  وقيم البداوة في هذا الشعب  ويحرص القادة والمثقفون من شعراء وكتاب على تواصل الأجيال مع هذه القيم وشاعرنا الغويص في الركب المتقدم  يحمل هذه الراية لكي يبقى الماضي جذراً يرتوي منه الحاضر والمستقبل وقد استحق بجدارة أن يحصل على لقب ( شاعر الوطن) ويتألق في شعره الوطني الذي يتغنى بوطن يغذ سيره الى مطالع الضوء ... 


ليقول :

 زايد بنى سد العرب لاهل اليمنْ ... واللي هدم مبنى الفُرِسْ هو ولِدَه 

وهنا يرسم الصورة لما اراده زايد من اعادة بناء سد مأرب لكي تعود سعادة اليمن فمن الماء تكون الحياة وكيف رد ولده الشيخ محمد اطماع الفرس بالوقوف الى جانب الشرعية والحياة المتحضرة .

ويصفه بالقول : 

إنتَ نهر كلما خصَّك زمانكْ صفيت .. ماكن إلا قرارك من صفاة الصخور 

وهنا يعمل الخيال المبدع ليرى نهراً عندما تدخله يتكدر عندما يكون قراره من الطين ولكن ذلك لن يكون لإن قرار المخاطب ( أي داخله وقعره) من الصخر الصلد .. 

ويقول متغزلاً ومنبهاً بعتب خفي لمن يُحب : 

أبنيلكْ بيوت الغلا وتهدمها ... ماخِفتْ يوم يجيك تصبح بلا بيت 

بهذه الأفكار والصور الجمالية ترعرع الشعر البدوي عبر عصوره وشبَّ وكبر ولا يزال يتقدم بهؤلاء المبدعين .. 


وللحديث صلة .......


تعليقات

أحدث أقدم