قمة العالم الرأسمالي .

مشاهدات

 



ضرغام الدباغ

لن نبالغ مطلقا إن قلنا أن هذه القمة التي عقدت في بريطانيا 11/ حزيران / 2021 (ويستضيف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون القمة التي تستمر لثلاثة أيام في قرية ساحلية تقع على خليج كاربيس) هي أهم لقاء قمة بين زعماء العالم الرأسمالي بحسب الظروف التي انعقدت خلالها القمة وبحسب التحديات المطروحة . وقد حضرها : الرئيس جو بايدن ــ الولايات المتحدة . الرئيس جونسون ــ بريطانيا . المستشارة ميركل ــ المانيا الرئيس مكرون ــ فرنسا . الرئيس ترود ــ كندا . الرئيس سوغا ــ اليابان . الرئيس دراجي ــ إيطاليا . السيدة فون ديرلاين رئيسة المفوضية الأوربية السيد شارل ميشيل رئيس مجلس المفوضية الأوربية .

وقد حضر بصفة مراقبين رؤساء دول وحكومات كل من : الهند ، استراليا ، وكوريا الجنوبية ، وجنوب أفريقيا ، كضيوف (وفي ذلك رسالة مهمة مفادها أنتم (للدول الأربعة) محسوبون على العالم الغربي وأن كنتم خارج أميركا وأوربا) وقد روعيت كافة الحسابات وآفاق الرؤية السياسية / الاستراتيجية في دعوة الضيوف. كما كانت الصحافة منضبطة والتعليقات تراعي الموقف السياسي والجميع تحت وطأة الشعور المادي أن المرحلة مهمة للغاية ولا تحتمل تصريحات منفلتة لا تصب في جوهر المسألة المطروحة على طاولة المتفاوضين .

العالم على وشك أن يباشر تقديم إفرازات ونتائج جانحة الكورونا وسائر التطورات السياسية والاقتصادية الأخرى . على الصعيد السياسي لقد تضاءل حجم وتأثير الولايات المتحدة ونفوذها حول العالم وكذلك قللت حجم وتأثير دول الاتحاد الأوروبي كما أضعفت تأثير القوى التي انتصرت في الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة . والنظام العالمي الذي فرضت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها هيمنتهم بالقوة السلحة والمفرطة .

نلاحظ الكثير من نماذج العجز والسخرية في أمريكا وأوروبا لدرجة أن "صورة الغرب" انهارت تماما كما ظهرت الكثير من الأسئلة حتى عند أصحاب أكثر الأفكار تأييدا لأمريكا وأوروبا والغرب. أن العالم الغربي فقد قوة الإقناع. وحتى القوة الهائلة التي يمتلكها غير شرعية ولم تفضي إلى نتائج تاريخية. وبات من الواضح أن العلم الغربي لم يعد لديه شيء يمكن أن يقدمه للعالم" وإن النظام والعقلية الغربية المبنية بالكامل على الاستعمار والسلب والنهب دمرت تماما ثقة البشرية ببلاد الغرب.وأساءت كثيرا حتى للمنجزات الثقافية والحضارية له.

ومن الضروري الإشارة إلى أن الرئيس بايدن قد أستهل زيارته الأوربية في بريطانيا ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال لقائهما الأول سيوقعان "ميثاقا أطلسيا" جديدا (10 / حزيران/ 2021) يأخذ في الاعتبار خطر الهجمات الإلكترونية والاحتباس الحراري وتداعيات جائحة كورونا. وفي هذا تأكيد على العلاقة الاستراتيجية الخاصة التي تربط الولايات المتحدة ببريطانيا الذي وصفه رئيس وزراء بريطانيا جونسون: " بالتعاون أقرب شريكين وأعظم حليفين سيكون حاسما لمستقبل الاستقرار والازدهار في العالم ".

وقالت رئاسة الحكومة البريطانية في بيان إن "ميثاق الأطلسي" الجديد وضع وفق صيغة "الميثاق" الذي وقعه رئيس الحكومة الأسبق وينستون تشرشل والرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت. والذي حدد نظام العالم الجديد ما بعد الحرب العالمية الثانية. وينص هذا الميثاق الجديد حسب الحكومة البريطانية على أنه " إذا تغير العالم منذ 1941 فإن القيم تبقى هي نفسها" في الدفاع عن الديموقراطية والأمن الجماعي والتجارة الدولية.

وكان السيد شارل ميشيل رئيس المفوضية الأوربية قد أدلى بتصريح مثير (10 / حزيران/ 2021 ) تبدو أمامه سائر فقرات جدول الأعمال أقل أهمية بقوله " سنحمي أنفسنا من التصرفات الصينية التي تمس بالاستقرار ". ويبدو واضحاً لكل مراقب أن هذه الفقرة تحديداً كانت لب اللقاء وسداه . وأفصح عن جوهر اللقاء وسائر الفقرات هي فنية يمكن أن يصيغها الفنيون في الوفود ملفات كالتبرع بلقاحات كوفيد 19 للدول " الفقيرة " وحماية المناخ .

يأتي هذا الالتزام في أعقاب دعوات متزايدة إلى الدول الغنيّة لتكثيف جهودها لمشاركة للقاحات مع الدول الأقلّ نموّاً في وقتٍ تُحذّر منظمات إنسانية من أنّ الوضع الراهن يؤدّي إلى " فصل عنصري على أساس اللقاحات" ووصفت الخطة المعلن عنها من قبل دول مجموعة السبع بأنها تشبه إلقاء قطرة في المحيط حيث تقدر منظمة أوكسفام الدولية للمساعدات أن ما يقرب من 4 مليارات شخص سيعتمدون على برنامج كوفاكس للحصول على اللقاحات وهو برنامج يوزع جرعات لقاح كوفيد-19 على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وبتقديرنا أن اللقاء سيحرص على الظهور بمظهر المتحد القادر إلا أن حسابات الحقل غير حسابات الحصاد وليس هناك أكثر من الحلفاء الغربيين من يزن الأمور بميزان المصالح البحتة وليس بميزان المبادئ والعقائد والاخلاق. والصين لا تطرح سياساتها تحت ظلال المدافع والصواريخ كالولايات المتحدة بل وفق مبادئ التعاون والمكاسب المشتركة فيما كانت القوة المسلحة والمفرطة هي دليل عمل الغرب الرأسمالي منذ عصر الثورة الصناعية والميركانتيلية والاستعمار والفاشية والنازية ثم الإمبريالية ثم العولمة ... لذلك يصعب تصور جبهة عالمية متراصفة خلف الولايات المتحدة .

تعليقات

أحدث أقدم