رواية التاريخ بين الحقيقة والتزوير والنفاق

مشاهدات

 



د. نزار محمود


يشكل التاريخ معيناً ينهل منه الإنسان عبرة وفخراً بيد أن تدوين تاريخ الإنسان والشعوب كان قد مر بحقب من الزمان وتنوعت ادواته بين نقل ورواية وتدوين  والتي تفاوتت في صدقها وكذبها وفي واقعيتها ومثاليتها وفي منطقيتها ولا معقوليتها وفي موضوعيتها وشخصانيتها .


وبالطبع  كانت لتلك التفاوتات تداعياتها ونتائجها وتأثيراتها في عقلنا الباطن وقيمنا ومواقفنا وسلوكياتنا لا بل واستقامتنا أو انفصامنا وفي ذلك لعب ولاة الأمور وما جرى التعارف عليه  بأصحاب الرأي في توجيه كتابات رواية التاريخ كما ان روايات التاريخ هذه كانت قد اختلفت هي الأخرى بين محب وصديق وبين عدو وحسود . وكما ذهبت الإشارة اليه فإن ما وصلنا من تاريخ وتبنيناه تعلماً وتربية قد ترك بصماته في قيمنا ومعاييرنا في الحكم على الأمور والقياس عليها فرحنا نحاسب بعضنا وأنفسنا ونحكم وأحياناً ننافق في ضوء ما تعلمناه من التاريخ من قيم  ومعايير والأسئلة المهمة والخطيرة هنا : من قام برواية التاريخ ومن دونه وكيف وصلنا ؟ كيف قرأنا نحن التاريخ وكيف فسرناه ؟ أين حدود القدسية فيه ومن قام بوضعها ومن يدافع عنها ولماذا ؟ وأخيراً هل تعاملنا مع التاريخ بموجب ما يسمى بفقه الواقع المرتبط بالزمان والمكان ؟ وأخيراً : ماذا ترتب على ذلك ؟ وعند الاجابة على هذه الأسئلة تبرز أهمية التعامل مع التاريخ في عبره  وبوصلات توجيهاته وحق الفخر بشخصياته كما تتبين اهمية الكتابة الصحيحة والدقيقة والموضوعية له . فالنفاق في كتابة التاريخ جرم  كبير لما سيلحقه من أضرار وتداعيات سلبية كما أن سطحية تلك الكتابة وعدم وعيها أو دقتها في ما تقف عليه وترويه هي المسألة الأخرى التي تساهم في تشويه حقائقه وتضلل في عبره .


وحيث ان التاريخ غالباً ما يكتبه الأقوياء والمنتصرون وأنه ليس للضعفاء والمعدومين سوى السير على خطاه فقد لحقت بالبشرية أضرار كبيرة في حقيقة ذلك التاريخ وتفسيراته المعتمدة على الماضي والمكتشف والمعلن عنه . ولعلنا نحن العرب والمسلمون من أكثر الشعوب والأمم التي لحقها ظلم النفاق والتزوير في كتابة التاريخ  لأن نسبة كبيرة من تاريخنا كتبه أقوياء أو جهلة أو أجانب غير محبين لا بل وكارهين أو منافقين للسلطان أو حتى للجماهير  وفسره وعاظ سلاطين أو مسحورين  بقدسية النصوص .


ان دعوات كتابة التاريخ مهمة بقدر ما هي صعبة وخطيرة .


تعليقات

أحدث أقدم