لماذا فشلت العملية السياسية في العراق .

مشاهدات

 



ضرغام الدباغ

أقصد بالعملية السياسية : مجموعة الفعاليات السياسية والعمليات التي دارت من أجل تحقيقها في مرحلة ما بعد الاحتلال ولحد الآن واشتركت بها مجموعة من القوى العظمى والصغرى والمساعدين والمقاولين الثانويين بإدارة المقاول الأعظم : الولايات المتحدة الأمريكية والمقاول الثانوي نظام الملالي الإيراني بإشراف الحاضر في كل الطبخات سيئة السمعة إسرائيل .

ابتداء وأن كانت أطراف العملية لا تعترف صراحة بوثيقة رسمية عن أهداف الغزو وبذلك يحق لنا أن نعتبر ما تحقق على الأرض كان هدف المخطط المتفق عليه ألا وهو :

• تدمير القوة العسكرية العراقية وعدم السماح ببروز قوة مؤثرة في هذه المنطقة يحسب حسابها في الجرود السياسية والاستراتيجية .

• العبث بالكيان السياسي العراقي الذي كان يمثل بيضة القبان في شرقي المتوسط وشمال الخليج. ويمنحه التوازن والأمان الغير مرغوبين لدى القوى الغربية وإضعافه ليسهل تمرير الخطط السوداء.

• إنهاء القدرات العراقية التي تعاظمت وباتت تهدد مصالح القوى الغربية في المنطقة التي اعتقدت أن سايكس بيكو أنهى احتمال صعود قوة في المنطقة : كيانات بأعداد سكان قليلة بقدرات اقتصادية ضعيفة والثروات الواعدة تحت سيطرتها التامة وإرادتها السياسية مرتهنة بعوامل وعناصر محلية تجعل من المستبعد صيرورتها قوة ذات شأن.

لم يكن يهم الولايات المتحدة ولا الغرب بالمطلق ..! حجم المنجزات الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق وفي غير العراق فهذه مصطلحات هي للتصدير حصراً ... وهذه مسألة معروفة في الغرب وحقوق الإنسان مخترقة في كل مكان عندما تتعارض مع الأمن ورؤية القوى الأمنية للموقف. وفي البلدان النامية عامة تمارس القوى التصدي للسخط الشعبي بإفراط وحينما يستحق أو لا يستحق الموقف في كل آن وأوان الأنظمة تخطأ بنسبة لا بأس بها ويتولى مطبقوا الأمن بالجزء الأعظم من المبالغة في قسوة القمع وإبداء آيات السطوة وإبداء مظاهر القوة الوظيفية وسخافات كثيرة لا داعي لها تحسب على النظام.

التدخل الغربي في بلدان العالم هو استثمار مالي وهم لا يفعلون ذلك لوجه الله ولمصلحة هذا وذاك وهم يعلمون في أنفسهم أن هذه الشخصيات التي جاءوا بها هي حثالة البلد (عبروا عن ذلك بصراحة فجة أكثر من مرة) جهلة أميون ومتخلفون يسوقهم المخرفون ممن يرتدون العمائم وقد عبروا عن هذه الآراء أحياناً وقالها مسؤولون أمريكان بوجوههم أكثر من مرة وبصراحة موجعة " لقد جئنا بكم من الشوارع " ولكنهم مع ذلك يواصلون دعمهم في إطار رؤية عريضة للموقف العام لا دخل للأخلاق فيها.

الرأسمالية هي إمبريالية والنظام الإمبريالي (نظام الرأسمال الاحتكاري) هو نظام يسعى للتوسع ولا شيئ غير ذلك إطلاقاً. والتوسع في مفهوم الرأسمالي هو مزيد من الأرباح ... فهو لم يفتح تكية على باب الله ... ومن يريد أن يعرف أكثر فليقرأ كيف أن الولايات المتحدة سحبت أرصدة البنوك المركزية الأوربية ومخزونها من الذهب خلال الحرب العالمية الثانية والفواتير تضمنت حتى سعر القنبلة الواحدة ...! (مع أنهم كانوا في معركة واحدة ..!) لا يوجد شيئ مجاني حتى بين الأحباب والحلفاء وحتى مع شعوبهم (يرمون الحبوب والحليب في البحر للحفاظ على الأسعار) فكيف مع أطراف شرقية لا تعرف ماذا تفعل بالأموال المكدسة ...!

إذن لماذا جاؤا ولماذا هم باقون .... وماذا يمكن أن نتوقع أو نرتجي من عملية قام بها وأسسها لصوص دوليون وحرامية محليون برتبة (قجغجية) حتى لا يستحقون مرتبة عصابات سرقات البنوك الكبيرة أو عصابات المافيا فهؤلاء (العصابات الأوربية) يمارسون جرائمهم : السرقة : وإذا (اضطروا) يقتلون ... الحرامي الأوربي هو مجرم ولكنه مجرم أنيق مؤدب لا يعتدي بدون داعي ناهيك أنه لا يقتل بلا سبب أما أوغادنا فيقتلون على الرايح والجاي ... ولأنهم أساساً منحطون وليسوا أصحاب قضية ... ليست هناك مشاريع ولا برامج سياسية / اقتصادية / اجتماعية / ثقافية وجل ما يعرفون هو القتل والحرق والسرقة والاعتداء بصورة الكاملة ..!

كيف لعملية سياسية أن تنجح بمثل هذه الوجوه وهذه الشخصيات ... وبهذه النوايا المعلنة وغير المعلنة منذ 19 عاماً هل سمع أحد منكم لمقولة تدل على حكمة .. هل سمع أحدكم من يتفوه بقاعدة اقتصادية .. أو سياسية لماذا يمكن أن تنجح عملية سياسية بدون فحوى ومحتوى ..... ؟

الأنظمة الاستعمارية حين تحل ببلد ما تبدأ بتشييد البناء الارتكازي لكي تبدأ بأستثمار خيرات البلاد وهكذا فعل الانكليز حين جاؤا للعراق فشيدوا قطاع النفط والسكك الحديدية والموانئ ليبدأ نهب أصولي للبلاد وساعدوا في تأسيس المدارس وتعليم اللغة الإنكليزية ولكن أنظر ماذا يفعل الفرس ... فهم يهدمون ما تقع عليه أيديهم بوحشية وهمجية ولا يعرفون لغة سوى القتل والتصفية والسرقة والنهب لدرجة أني أعتقد أنهم يعلمون تماماً أنهم سيخرجون يوماً من العراق بإرادتهم أو غصباً والفارسي غير محترم لا يفهم سوى لغة القوة لذلك يهدمون كل شيئ لكي تكون كلفة الاصلاح باهضة ويسرقون وينهبون كل شيئ فقد شوهدت سيارة عراقية لتنظيف الشوارع في طهران ولم تمسح عنها كتابة مطبوعة على بدن السيارة (أمانة العاصمة) أما الصادرات الثقافية فهم مفلسون منها رغم أنهم يتمنفخون بها، إلا أن الحصيلة لا شيئ سوى الدمار والخراب والرماد.

ليتخيل معي من يريد ... ماذا يصدرون لنا ...؟

لا شيئ غير الفقر والتخلف والجهل .. وحتى أصول المذهب فبوسع أي معمم في النجف يصبح معلماً برؤوسهم لا شيئ عندهم سوى الخبث واللؤم والحقد والكراهية ... والعراق هذه السفينة العظيمة تائهة في عرض البحر ... تحت قيادة محتلين وحرامية ومجرمين ... فهل يتوقع أحد أن تنجح عملية سياسية هذه مدخلاتها ومعطياتها ...؟

ولكن لكل شيئ نهاية .. وفي النهاية لن يضيع شيئ ... وكل شيئي تعوض وبأحسن مما كان .... لا شيئ يصعب على أسود الرافدين ..

تعليقات

أحدث أقدم