حذاري من الانهزام النفسي!

مشاهدات



د . نزار محمود


تتبارى الشعوب والأمم بتفوقها وبأشكال وطرق مختلفة وينعكس ذلك التفوق في مواقفها وتصرفاتها مع بقية الشعوب والأمم منها من ينتهز فرصة تفوقه لفرض هيمنته وسيطرته لا بل وغزوه واحتلاله للآخرين والاستحواذ على أراضيهم وثرواتهم وممتلكاتهم واستغلال شعوبهم وحتى استعبادهم وآخرون وهم القلة يكونون أكثر حضارة وإنسانية فيسعون إلى تنوير ومساعدة غيرهم في نهوضهم وتقدمهم  بيد ان هؤلاء البشر ينسون او يتناسون يجهلون أو يتجاهلون بأن أية حضارة على وجه الأرض هي ارث إنساني للجميع في خلقها وتراكمها وتثاريها بين أولئك البشر عندما يكونون حقاً بشر ! لكن واقع هؤلاء البشر ليس بذلك الحلم النرجسي وليسوا هم بالملائكة كما هم في موروثنا الديني طاهرين أنقياء متراحمين متعاضدين  فلم تختف بينهم الأنانية ولا مات فيهم التعالي ولم تغادرهم الكراهية والعداوة وازاء ذلك تباينوا وعلا بعضهم فوق بعض كثير ممن علا لم يرحم من دنا وغير قليل ممن دنا خضع واستكان واسترحم من علا !


ومقالي اليوم يتحدث وفي هذا الإطار عن من اهتزت ثقته بنفسه وبشعبه وبالتالي في تثمين قدراته وقدرات أصحابه لا بل وسعيه على الحذ من قدرها والرفع من قيمة انجازات الآخرين من غير قومه نطالع يومياً مقالات ونستمع الى أحاديث يفرط أصحابها في ذكر اسماء علماء ومفكرين وفنانين أجانب في مناسبة وغير مناسبة دون ذكر لأحد من مفكرينا وعلمائنا وفنانينا وكأننا ولدنا في صحراء قاحلة لم يقم فيها نبات ولم يرع فيها من كائن حي !  وكأن هؤلاء الكتاب والمحدثين يجدون في ايراد اسماء أجانب في ما يكتبوه ويروونه رفعة وزينة وبهرجاً لما يكتبوه ويقولون ! لا نريد ان نغمط حق الآخرين في فضل مساهماتهم كما لا نريد التعمد في تسفيه أنفسنا .


تذكرت أمثالاً شعبية وأقوالاً مأثورة أورد منها البعض :

تراب الغريب دواء للعيون مغنية الحي لا تطرب وهذه تروى بأشكال مختلفة الفرنجي برنجي تذكرت ما نرويه عن عقدة الأجنبي أو عقدة الخواجة وغيرها كما تذكرت قول المسيح عليه السلام لقومه عندما اجتمع اطفال الناصرة حوله وهم يصيحون : حتى ابن مريم بتنبأ فقال عبارته التي أصبحت احدى اهم الأقوال المأثورة لا كرامة لنبي في قومه قبل ما يزيد عن خمسين عاماً كنت أجالس مجموعة من مبتدئي السياسة وهم يتحدثون عن الطفولة اليسارية اعجبت بالمصطلح وخلال الحديث وجدتني أذكر مصطلحاً لم أكن قد سمعته من أحد أو قرأته عند آخر هو : المراهقة السياسية ! صاح بي أحدهم : من اين أتيت بهذا المصطلح ؟ قلت : ليس من عند أحد! وجدته مصطلحاً يعبر عن ظاهرة سياسية ما لا أريد أن أضيف غير أنهم سفهوني لعدم قراءتي أو اطلاعي على كتب أو مراجع أجنبية !! اختتم بالقول : إن تقدم الإنسانية هو حصيلة تراكم علومها وفنونها التي يتشارك فيها البشر على مدى عصوره التاريخية ولكل من يضيف ويحسن ويطور بما يفيد البشر له فضل انساني ليس من الحكمة التعالي على الناس أو استغلالهم كما أنه ليس من الكرامة الاستسلام والخنوع لتفوق الآخرين الذي لا يصح أن يدوم طالما شعر المغلوبون بواجب مشاركتهم ذلك التفوق واثرائه لنكن أوفياء لمن علمنا ولن نرد لهم فضل ذلك الا من خلال ما نضيفه ونزيد عليه  ولنتذكر ما قاله عالم الكيمياء المصري حامل جائزة نوبل أحمد زويل : ألغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل .


تعليقات

أحدث أقدم