استثمار حقل الرميلة الشمالي 7 نيسان 1972

مشاهدات

 



نزار السامرائي

في السادس من نيسان 1972 وصل رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي كوسيجين إلى بغداد للمشاركة في احتفالات العراق بذكرى تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في السابع من نيسان . كان علينا في الصحافة والإعلام وفي الإذاعة والتلفزيون بشكل خاص متابعة الحدث متابعة لحظة بلحظة فالزائر استثنائي باعتباره أحد أضلاع الترويكا السوفيتية كما الاتحاد السوفيتي هو الدولة الكبرى الثانية في العالم ولم يكن الاتحاد السوفيتي من البلدان التي تتعامل مع الصحافة بانفتاح ومرونة كما هو سائد في الغرب .

كان العراق باعتباره بلدا مضيفا ويتحمل مسؤولية سياسية في سلامة الضيف بالإضافة إلى احترازات أمنية مبالغ فيها إلى حدود بعيدة يلتقي مع السوفيت في تعمد السرية في تحرك الوفد السوفيتي كنا نتابع من مكاتبنا حركة الوفد وسط هذه الأجواء وتوشك الفرصة أن تضيع منا أحيّانا ونخشى أن يلتقط التلفزيون السوفيتي الحدث قبلنا ونبقى نلوم أنفسنا من تقصير لم يكن لنا دور فيه فالسوفييت أوفدوا فريقا إعلاميا كبيرا جدا من المؤسسات الإعلامية في موسكو لتغطية الزيارة وكان لوكالة تاس ووكالة نوفوستي مكتب مشترك في بغداد كما أن صحيفة البرافدا لسان الحزب الشيوعي لها مراسل ثابت في بغداد وكان يتحرك في أجواء عالية المرونة .

نحن نعرف جيدا أن معظم الصحفيين السوفييت العاملين في الخارج يعملون كوكلاء لجهاز المخابرات السوفيتية KGB ولهذا كنا نتعامل معهم على هذا الأساس . كان هناك جدول دقيق لزيارة كوسيجين وهي أول زيارة لمسؤول سوفيتي للعراق منذ زيارة أنستاس ميكويان النائب الأول لرئيس وزار الاتحاد السوفيتي قبل 8 شباط 1963 ولكن التطابق في التعامل الأمني مع أحداث كهذه لم يترك لرجال الإعلام فرصة للسبق الصحفي أو حتى مجرد الحركة الحرة مع انتشار رجال أمن يبالغون في الحرص على حياة القادة أكثر من حرص القادة أنفسهم على حياتهم .


مساء اليوم نفسه أبلغني مدير عام الإذاعة والتلفزيون السيد محمد سعيد الصحاف بأن أكون مستعدا للسفر إلى البصرة صباح يوم 7 نيسان/ أبريل لم أعرف إلا القليل عن طبيعة المهمة الموكولة إلي ولكنني كنت جاهزا لمثل هذه التكليفات بصفة مستمرة كنا نعلم أن الجزء المهم من زيارة كوسيجين هو لافتتاح حقل الرميلة الشمالي وبدء الإنتاج عبر الاستثمار الوطني للنفط منه وهو المشروع الذي تم تنفيذه بمعونة سوفيتية كبيرة من قبل شركة مشينو أو تكنو أكسبورت وكان خبر افتتاح المشروع معروفا من قبلنا من وقت مبكر أخذت نفس الطائرة التي أقلت السيد نائب رئيس مجلس قيادة الثورة وضيف العراق عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي ورئيس الوزراء أقلعت بنا الطائرة التي كانت مليئة بالمسؤولين والصحفيين من الجانبين وبعد رحلة قصيرة حطت الطائرة بمطار البصرة وكانت السيارات بانتظار الجميع وانتقلنا إلى الحقل الذي تمت استعادته من شركة نفط البصرة بموجب القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي صدر أثناء حكم رئيس الوزراء اللواء الركن عبد الكريم قاسم رحمه الله والذي كان يقف وراء صدوره مهندس السياسة النفطية العراقية في ذلك الوقت وزير النفط حينها المرحوم الدكتور محمد سلمان حسن ولكن الشركات أثارت مشاكل كثيرة للحكومة العراقية بعد صدور القرار المذكور منها ما هو مباشر وخاصة التلاعب بمعدلات الإنتاج، ومنها ما هو غير مباشر كان التمرد الكردي الذي أعلنه الملا مصطفى البرزاني أحد وجوهه الساخنة عام 1961 إضافة إلى تقليص الإنتاج إلى مستويات متدنية جدا ومع فقد بقي القانون رقم 80 بقي مجمّدا زمناً طويلا حتى بوشر بوضعه موضع التطبيق بعد ثورة 17 تموز/ يوليو 1968 وذلك بهذه الباكورة المباركة .


ونتيجة لذلك فرضت الشركات حصارا على النفط المستخرج من الأراضي المشمولة بقانون 80 وكأن هذه الأراضي عائدة لها وليست أرضا عراقية وكان لإسبانيا في عهد رئيس الدولة الإسبانية الجنرال فرانسيسكو فرانكو دورا مهما في دعم مسيرة الإنتاج الوطني  للنفط على الرغم من أن اسبانيا جزء من التحالف الغربي سواء بموافقته على بناء سبع  ناقلات حمولة الواحدة منها 37500 ألف طن أو بشراء النفط العراقي المنتج من تلك الحقول من دون الالتزام بالأحكام القضائية التي حصلت عليها شركة نفط العراق وأخواتها بمنع التعامل بالنفط العراقي وقد كان لدور إسبانيا وعلاقاتها الخاصة مع دول أمريكا اللاتينية ما يمكن اعتباره دورا مؤثرا في تسويق النفط العراقي المنتج وطنيا من قبل شركة النفط الوطنية العراقية عالميا وقد أهدى العراق حمولة ناقلتين من الناقلات إلى إسبانيا عرفاناً بدورها وشكراً لها .

المهم وصلنا إلى موقع الاحتفال الكبير الذي نظمته شركة النفط الوطنية العراقية وقد أقيم سرادق كبير لهذا الغرض ولأن المنطقة لا تؤمن إيصال إشارة البث التلفزيوني من موقع الاحتفال إلى محطة تلفزيون البصرة بسبب بعد المسافة ولأن العراق لم يكن مرتبطاً بشبكة ميكروويف وطنية حتى ذلك الوقت فقد كان أمامنا خيار واحد وهو تسجيل الاحتفال بالفديو ومن ثم بثه على محطات التلفزيون في بغداد والبصرة والموصل وكركوك لاحقاً كنت عريفاً للحفل وعليّ أن أقدم كل من له دور فيه التقيت بالسيد عدنان القصاب رئيس شركة النفط الوطنية العراقية لمعرفة تفاصيل المنهاج المعدّ من قبلهم ذلك أن الشركة هي التي كانت تشرف بصورة مباشرة على برنامج الإنتاج الوطني للنفط من الحقول المستردة فأعلمني السيد القصاب بأن الفقرة الأولى هي تلاوة من القرآن الكريم يقرأها عبد الزهرة العماري ثم يبدأ الاحتفال بعد الانتهاء  من تلاوة القران الكريم بكلمة رئيس الشركة وبعد ذلك تتواصل الكلمات .

وافتتحتُ الاحتفال بكلمةٍ حماسية عالية النبرة ألهبت فيها حماسة الحاضرين من بين ما قلته في هذا اليوم الذي أشرقت في سماء العرب شمسُ البعث لم يشأ عراق 17 تموز أن يحتفل بهذه الذكرى العطرة كما احتفلنا أو نحتفل بالخطب الحماسية واستذكار شهداء المسيرة العربية من أجل الانعتاق بل جعلنا لاحتفالنا اليوم نكهة خاصة تجسيدا لواحدٍ من أهم شعارات البعث طيلة الخمسة والعشرين عاما التي انصرمت من عمره وتحقيقا لواحدٍ من أهدافه العزيزة  ألا وهو تحرير الإنسان والثروة معاً اليوم ينقل الشعب العراقي شعار نفط العرب للعرب من سماء التظاهرات الجماهيرية وخطب الزعماء ومقار الأحزاب والعناوين البارزة  للصحف وينزله إلى أرض الواقع وليوكد أن العرب قادرون على وضع شعاراتهم موضع التنفيذ إذا ما وجدوا قيادة أصيلة تعبر عن تطلعاتهم وتمثل إرادتهم اليوم يؤكد العراقيون بقيادة البعث أنهم قادرون على التعامل المتكافئ مع القوى الدولية الكبرى لا سيما الاتحاد السوفيتي الصديق استنادا إلى مبدأ المصالح المشتركة .

بعد أن أنهيت كلمتي التي افتتحت بها الاحتفال قدمت السيد عدنان القصاب الذي ألقى كلمة رحب بها بضيف العراق الكبير وبالسيد نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السيد صدام حسين ثم قدم شرحاً مفصلاً لمراحل تنفيذ المشروع وأشاد بدور الشركات السوفيتية بتنفيذ ما كان موكولاً إليها من مهمات بموجب العقد الموقع بين البلدين عام 1969 وشدّد على نبوغ المهندسين العراقيين وإبداعهم في حل ما واجههم من معضلات وأشاد بتفاني العمال العراقيين المضحين الذين واصلوا الليل بالنهار حتى أنجزوا هذا المشروع العملاق الذي يعلق عليه العراقيون وقيادتهم آمالاً كبرى في تحرير ثروتنا النفطية من سيطرة الكارتل النفطي الدولي .

ثم جاءت العراق الجديد كلمة السيد صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة لتطلق الجماهير التي تعلق آمالها الكبرى على قيادة البعث في إحداث النقلة النوعية في البناء العراقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وقلت أيها العراقيون الشرفاء يا أبناء الأمة العربية المجيدة اليوم يطل عليكم العراق بقيادته الثورية لينقل الشعارات التي كانت حلماً في مخيلتكم إلى أرض الواقع وكنتم تعتبرون مجرد التقرب منها مخاطرة كبرى اليوم ينهض العراق الذي عودكم أن يحدو الركب العربي وها هو اليوم يلتقط الفرصة التاريخية ولينطلق بالسفينة ليبحر فيها في البحار البعيدة وصولا إلى شواطئ الأمن والرفاهية أيها العراقيون الرفيق صدام حسين نائب أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي نائب رئيس مجلس قيادة الثورة يخاطبكم في هذا اليوم التاريخي وذكرى ميلاد البعث .

تجد كلمة نص كلمة الشهيد الخالد صدام حسين في نهاية المقال
فأطلق السيد نائب رئيس مجلس قيادة الثورة شارة الشروع في عملية التحول الاقتصادي الكبير في العراق واعتبر استثمار النفط وطنياً وبالتعاون مع الاتحاد السوفيتي الصديق علامة فارقة على طريق مواجهة الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وركز على أن الثروة النفطية التي ظلت نهباً للشركات الاحتكارية لعقود طويلة تعود اليوم إلى العراقيين بتضحياتهم الجسام  وقال ها هو النفط اليوم يعود إلى أبناء الشعب العراقي وليكون في خدمة خطط التنمية الشاملة  في العراق .

تجد كلمة نص كلمة الشهيد الخالد صدام حسين في نهاية المقال
بعد ذلك قدمت اليكسي كوسيجين عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي ورئيس الوزراء بكلمة ترحيبية به في مدينة البصرة وفي حقل الرميلة لنبدأ معا مسيرة التعاون المشترك في مختلف الجوانب فألقى كوسيجين كلمة مطولة تناول فيها أوجه التعاون بين بلاده والبلاد العربية في مجالات شتى ثم أكد فيها وقوف الاتحاد السوفيتي إلى جانب العراق في تطوير اقتصاده بعيدا عن الاحتكارات الرأسمالية التابعة للإمبريالية العالمية المعادية للشعوب مؤكدا أن تطوير الاقتصاد العرقي يعدّ خطوة مهمة على طريق قيام علاقات إنتاج من طراز جديد في البلاد واعتبر كوسيجين تدشين حقل الرميلة الشمالي عنوانا بارزاً على هذا الطريق وتحدث عن المشاريع الإنمائية التي تنفذها عشرات الشركات السوفيتية في العراق واعتبرها تجسيدا لالتزامات الاتحاد السوفيتي إلى جانب شعوب العالم بالكفاح ضد الإمبريالية .

تجد كلمة اليد كوسيجين في نهاية المقال .
كان مقررا في اتفاقية المعونة الفنية السوفيتية في تنفيذ حقل الرميلة الشمالي أن يبدأ الانتاج منه بخمسة ملايين طن في السنة الأولى ثم يرتفع إلى خمسة عشر مليون طن سنويا بعد ذلك وأخيرا إلى خمسة وعشرين مليون طن سنويا ولكن الانتاج من هذا الحقل دخل ضمن خطة عمل الانتاج العام للعراق بعد ثمانية أسابيع فقط في الأول من حزيران 1972 يوم تأميم عمليات شركة نفط العراق IPC الذي أعلنه الأب القائد الرئيس أحمد حسن البكر رحمه الله .

نص كلمة السيد صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في افتتاح حقل الرميلة الشمالي كما وجدتها في أرشيفي :

أيها الضيف العزيز السيد الكسى كوسجين
أيها الضيوف الكرام
في هذا اليوم الذي نحتفل هنا وتحتفل معنا جماهير الشعب في كل مكان في هذا القطر بحدث بارز في تاريخنا الوطني هو بدء الاستثمار الوطني المباشر للنفط بعد أن بقيت هذه الصناعة قرابة نصف قرن حكراً على الشركات الأجنبية الاحتكارية وإنه لرائعٌ حقاً أن يتم هذا الاحتفال في نفس اليوم الذي يحتفل فيه الشعب وقواه الثورية بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي الذي ناضل طيلة هذه السنوات لتحرير الأقطار العربية من كل أشكال النفوذ الإمبريالي والذي رفع عالياً الشعار القومي الشهير (نفط العرب للعرب).

لقد كان هدف الاستثمار الوطني للنفط في بلدنا في مقدمة الأهداف الوطنية الكبرى التي طالبت بها الجماهير وقواها الوطنية والتقدمية ولكن قوى الإمبريالية والأوساط الرجعية المشبوهة المرتبطة بها كانت تحول دون تحقيق هذا الهدف واذا كان الاستعمار قد عمل بما كل ما يملك من وسائل لجعل اقتصادنا الوطني اقتصاداً وحيد الجانب يعتمد بالدرجة الأولى على تصدير النفط الخام فانه وشركات النفط الاحتكارية التابعة له كانوا يعملون على جعل تصدير النفط الخام عملاً وحيد الجانب أيضا بجعله تحت سيطرتهم وحدهم لذلك فأن تحقيق الاستثمار الوطني المباشر للنفط كان يتطلب تصميماً وطنياً عازماً وإرادة ثوريه لا تلين وقوة قادرة على نقله إلى حيز الواقع.

وبسبب الافتقاد إلى هذه الشروط في الماضي تعرقل تحقيق هذا الهدف على الرغم من أن القانون رقم 80 والذي صدر بعد ثورة الرابع عشر من تموز المباركة قد فتح من الناحية القانونية الطريق أمامه واكد سيادة العراق على ترابه الوطني وعلى ثرواته الطبيعة التي كانت الشركات الأجنبية الاحتكارية تحول دون استثمارها فحرمته الكثير من فرص التقدم والتطور كما اتبعت الشركات بعد إعلان القانون سياسة انتقامية تميزت بالإصرار على ألحاق الضرر بالعراق عن طريق تقليص الإنتاج مما حرمه من عائدات كان يحتاجها لتطوير الصناعة والزراعة والخدمات وكل المرافق الضرورية الأخرى .

وكان انبثاق ثورة السابع عشر من تموز عام 1968 البداية التاريخية الحاسمة لتوفير الشروط اللازمة لإنجاز هدفه بالاستثمار الوطني المباشر للنفط، فسارت الثورة بشجاعةٍ وصبرٍ على هذه الطريق، معتمدة على طاقات الشعب وارادته القوية في امتلاك مصيره بنفسه، وعلى تأييد جميع القوى الوطنية والتقدمية وفي تموز عام 1969 وقعت الحكومة العراقية اتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني مع الاتحاد السوفيتي الصديق لتزويد العراق بالخبرات والمعدات اللازمة لإنتاج النفط ولتدريب الكادر الفني العراقي وخلال عمل يقرب من ثلاث سنوات وبروح عالية من التعاون الأخوي بينا وبين الاتحاد السوفيتي والدول الصديقة الأخرى تم إنجاز هذا العمل العظيم والحاسم الذي نحتفل به اليوم والذي يشكل رمزاً لقدرات شعبنا الخلاقة والانتصار لإرادته على الإمبريالية واحتكاراتها وكما يشكل رمزاً للصداقة والتعاون المخلص بين العراق والاتحاد السوفيتي وقاعدة صلبة لعلاقات متطورة ومتصاعدة في المستقبل .

أيها السادة :

إن ما تم إنجازه اليوم هو خطوة على طريق ظافرة عقدت ثورتكم العزم على السير فيها حتى النهاية، فمع العمل الحثيث لإنجاز المرحلة الأولى بدأت شركة النفط الوطنية العمل في حقول أخرى نأمل أن تشمل كافة مناطق العراق وعقدت اتفاقيات عديدة مع دول صديقة لتسويق النفط كما أن الاتفاقيات الاقتصادية التي عقدها العراق والدول الصديقة أدخلت النفط العراقي الخام عنصراً أساسيا يمكن أن تُسدد به كلفُ مشاريع التنمية التي تحتاج إليها البلاد، بذلك استطاع العراق أن يكسر طوق الاحتكارات لا في ميدان الإنتاج  فحسب إنما في ميدان التسويق أيضا وتعتبر تجربة العراق في هذه المضمار تجربة رائدة لجميع البلدان المنتجة للنفط كما ستسهم عملية إيصال النفط العراقي إلى مناطق الاستهلاك العالمي لهذه المادة الحيوية إسهاما مؤثراً في ضمان استقرار التجهيز دون وصاية الشركات الاحتكارية المستغلة ولضمان ذلك عملت الحكومة العراقية على بناء أسطول بحري لنقل النفط إلى مناطق الاستهلاك العالمي وبذلك تُحقق الصناعة النفطية في بلادنا تكاملها .

ويسرني هنا أن أسجل الشكر للحكومة الإسبانية لتعاونها معنا في هذه المضمار .
إن سياسة الاستثمار الوطني للنفط قضية مركزية لا تهادن فيها ولا تراجع عنها في برامج الحزب والثورة وأننا مصممون تصميماً قويا لا يلين في هذه المنهج بكل حزم وعلى انتزاع كافة حقوقنا المهضومة من الشركات الأجنبية الاحتكارية والتي تظن واهمة أنها بسياسة المناورة والمماطلة والتهديد قادرة على جعلنا نتخلى عن مطالبنا العادلة الشريفة .
إننا سنعمل بكل قوة على تحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة وعلى كل الجهات التي تتوهم أنها قادرة بهذه الطريقة أو تلك على التصدي لحقوقنا، أن تعلم بأننا لن نتراجع عن خطواتنا وأننا سندافع عن حقوقنا بكل ما نملك من قوة .

وختاماً أحيي جهود العامليين في شركة النفط الوطنية من عمال ومستخدمين ومهندسين وفنيين واختصاصيين وإداريين للجهد الذي بذلوه لإنجاز العمل ضمن الخطة الموضوعة كما أحيي الخبراء والفنيين السوفييت الذين عملوا في هذه المشروع لما أبدوه من معونة صادقة وحماسة مخلصة في إنجاز العمل .

واسمحوا لي أن أحيي بقوة الصداقة العراقية السوفيتية التي يعتبر هذا المشروع رمزاً عظمياً لها كما أحيي بقوة جميع الدول الصديقة التي تعاونت معنا في كافة المجالات لإنجاز الاستثمار الوطني للنفط .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
كلمة الكسي كوسيجين رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي في افتتاح حقل الرميلة الشمالي وقد نقلتها كما هي من دون تغيير أو تعديل . أيها الصديق العزيز صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة أيها الأصدقاء المحترمون عمال فنيو مهندسو شمال الرميلة .

لقد فوضت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي والحكومة السوفيتية وفدنا بان يحمل التحيات الحارة القلبية إليكم إلى هؤلاء الذين صنعوا بأيديهم الآبار الوطنية النفطية في شمال الرميلة وان أهنئكم والشعب العراقي الصديق المحب للعمل يسرنا أن نرى بين صفوفكم وان أرحب قلبيا بمواطنينا الخبراء السوفييت الذين يعملون كتفا بكتف مع إخوانهم العراقيين في هذا المشروع الذي هو اهم مشروع في العراق .

وفي عملهم المخلص هذا يساعدون في تعزيز علاقات الصداقة بين بلدينا وشعبينا .
إننا شاكرون لصدام حسين المحترم على كلمات الود التي ألقاها إزاء الاتحاد السوفيتي وإزاء الشعب السوفيتي وعلى تقديره العالي للتعاون العراقي السوفيتي لتعزيز الاقتصاد الوطني للجمهورية العراقية .

إننا نفهم جيدا ونشعر بأفراحكم بمناسبة افتتاح الآبار النفطية الوطنية انه حقا من دواعي الارتياح البالغ أن نرى ونعي أن جهود الشعب الحثيثة لبناء حياة جديدة تأتي بالثمار الفعلية
إننا اليوم نشهد أفراح وأعياد العمل الرائعة أفراح الكفاح من اجل تعزيز الاستقلال الوطني للعراق عندنا في الاتحاد السوفيتي يُحتفل دائما بإنجازات العمل ونجاحاته في جو حافل بالأعياد أما العمل فيعتبر قضية الشرف والبسالة والبطولة إن الكثيرين من الرفاق السوفييت الموجودين معنا اليوم يذكرون جيدا كم كان عظيما ذلك الحماس الذي احتفلت بها شغيلة بلادنا قبل عدة عشرات من السنين بإدخال قيد العمل أولى المعامل والمصانع السوفيتية والمحطات الكهربائية وسكك الحديد والمناجم والآبار النفطية .

إن هذه المشاريع التي كانت ترفرف فوقها رايات الثورة الحمراء سجلت إلى الأبد في السجل البطولي للشعب السوفيتي اني اذكر هنا أعمال بلادنا قبل كل شيء لأننا نؤمن أيمانا عميقا كذلك في نجاحات شعب الجمهورية العراقية وغيرها من البلدان العربية التقدمية لتطوير اقتصادها وفي تعزيز سيادتها وتحقيق الإصلاحات الاجتماعية التقدمية إن الشعب السوفيتي يكن العطف العميق والصداقة إزاء شعب العراق الذي تربطنا معه وحدة الأمل من الكفاح ضد الاستعمار والإمبريالية والاستعمار الجديد في سبيل الحرية والتقدم، إن التقاء أهدافنا في هذا الكفاح يساعد على اتساع مستمر في العلاقات السوفيتية العراقية والتعاون عن طريق الحكومتين وفي ميادين الروابط الاجتماعية إن الاتحاد السوفيتي يقف كلية إلى جانب الدول العربية المكافحة من اجل أن تكون ثرواتها الطبيعية وقبل كل شيء النفط، تابعة لأصحابها الحقيقيين شعوب هذه البلدان وتحت ضغط الحركات التحررية الوطنية للشعوب اضطر المستعمرون أن يتراجعوا في الشرق الأوسط كما حدث في العديد من مناطق العالم الأخرى إن شعوب العديد من البلدان ثارت مرة واحدة والى الأبد على النظام الإمبريالي وعلى الحماية الاستعمارية فوقها والأشكال الأخرى من التبعية السياسية، والدول الاستعمارية تهين كرامة الأمة وتهين كرامة كل إنسان مخلص كما اضطرت الشركات النفطية الرأسمالية في الشرق الأدنى والأوسط أن تتراجع كذلك ولو أنها لاتزال تستغل الثروات الوطنية لبلدان هذه المنطقة.

الشركات تبث أسطورة عدم قدرة العرب على أن يأخذوا بأيديهم إدارة الاقتصاد ويمتلكون الأداة الحديثة والأساليب لإدارة الاقتصاد انهم يبثون خرافات حول عدم قدرة العرب للعمل المتقن وللتعليم بحيث يبقى من نصيبهم فقط العمل الأصوب .

إن هذه الخرافة ليست بجديده إنها معروفه جيدا للناس السوفييت منذ أن انتصرت في روسيا ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وتحرر شعبنا من مستبديه المحليين والأجانب كان الرأسماليون يريدون لنا أن الحكم السوفيتي ليس له مستقبلا لأن الشغيلة ليس بقادرين على تنمية القطاع الاقتصادي وإعادة الاقتصاد وتطويرها قدما وسوف لم يكونوا قادرين على إدارة شؤون الدولة ولكن يحدث في الحياة عكس ما يخططه الرأسماليون ففي الوقت الذي كانت اقتصاديات الدول الاستعمارية تهتز من جراء الأزمات وتؤخرها لسنوات طويله إلى الوراء من حيث مستوى الإنتاج استطاع الشعب السوفيتي إشفاء جروحه التي سببها الخراب والحروب واستطاع أن يعيد ذلك المستوى الذي تم الوصول إليه قبل الحرب في عهد الرأسماليين بل قام بثورة حقيقية في الصناعة والزراعة ورفعها في فترة عدة سنوات وجيزة إلى مستويات فنية عالية ... إن أكتوبر العظيم قد ايقظ الثورة في القوى الخلاقة الجبارة للشعب حتى تحققت الإنجازات الكبرى التصنيع بما فيه إقامة فروع جديدة كثيرة من الصناعة وإعادة هيكلة الاقتصاد السوفيتي وتدريب كوادرنا لكل مرافق الاقتصاد الوطني والثقافة كل ذلك تحقق في سنوات عدة إن الجهود البطولية للشعب السوفيتي أقيمت في فترة وجيزة وبفضلها قامت القاعدة الصلبة للتنمية الاقتصادية للاتحاد السوفيتي والركيزة الأمينة لقدراته الدفاعية ولذلك مكّن دولتنا من أن تصمد بوجه الهجمة من الفصيلة الأكثر عدوانية للاستعمار في ذلك الحين في الحرب الدموية الفتاكة التي لم تشهدها البشرية من قبل إننا تغلبنا على التخلف من الدول المتطورة صناعيا وصددنا هجمات المتدخلين وانتصرنا على أعدائنا قبل كل شيء لان الشعب السوفيتي متعدد القوميات كان متحدا وملتفا التفافا وثيقا حول الطبيعة الكفاحية للحزب الشيوعي إن التصنيع وإعادة الاقتصاد الوطني للاتحاد السوفيتي لها أهميتها التاريخية ودلالتها الخاصة فمنذ أن انهار النظام الإمبريالي بعد الحرب العالمية الثانية تحت ضغط التحررات الوطنية التقدمية اكتسبت البلدان الكثيرة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية سيادتها كدول فان الخبرة السوفيتية والقدرات الفنية العلمية والصناعية ساعدت بقدر كبير على نجاحات الدول النامية في كفاحها من اجل السيادة ضد رأس المال الأجنبي واذا كان العراق وغيره من الدول العربية الآن لا تملك القدر الكافي من الخبراء والفنيين والعلماء والعمال المهرة المطلوبين للتطور الناجح للاقتصاد الوطني فأنها في القريب العاجل بمعونة الدول الاشتراكية دون شك ستحل هذه المهمة التي هي في غاية الأهمية إنها ستحلها تحقيقا للهدف التاريخي الكبير إن الاتحاد السوفيتي سيعمل فيما بعد كذلك كل ما يترتب عليه من اجل الإسراع في انتصار شعوب البلدان العربية أننا نرى أن النجاحات الجدية لتطوير الاقتصاد الوطني تنسجم عندكم مع الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الإيجابية إن التشريع التقدمي حول الضمان الاجتماعي وتحقيق الإصلاح الزراعي وتنفيذ الإجراءات التي يقضي بها بيان 11 أذار سنة 1970 حول الحل السلمي الديمقراطي للقضية الكردية ووضع ميثاق العمل الوطني الذي يقضي بإقامة جبهة القوى التقدمية للبلاد إن ذلك يخلق أساسا مناسبا للسير قدما للسير بالبلاد في طريق التقدم الاجتماعي والوطني إن كل تجارب الكفاح الثوري والحركات التحررية الوطنية للشعوب تؤكد لنا أن نجاحاتها كانت مستحيلة لو كان كل شعب يكافح على حدة أن تكاتف الشعوب وتضامنها اصبح مصدرا لقوتها الجبارة تلك القوى التي هزت من الأساس العالم القديم عالم الظلم والسيطرة والتبعية عالم عدم المساواة والاستغلال إن شعوب العراق وغيره من الدول العربية السائرة في طريق التقدم توحدها لا وحدة الثقافة والتاريخ فقط بل توحدها بذلك وحدة الأهداف التي تواجهها في كفاحها ضد الاستعمار إنها تعزيز الاستقلال الوطني والسيادة الاقتصادية التحرر من نير راس المال الأجنبي والنهوض في ثقافة الشعوب، وتدريب الكوادر الوطنية وتامين التقدم الاجتماعي، إنها تصفية آثار العدوان الإسرائيلي الذي دُبر من اجل خنق الحركات التحررية عن طريق القوى العسكرية في الكفاح ضد العدوان الإسرائيلي قدر لشعوب البلدان العربية إن تخوض التجارب العسيرة إن إسرائيل لاتزال تحتل جزء من الأراضي العربية ولكن هل يستطيع المستعمرون أن يقولوا إنهم توصلوا إلى أهدافهم الرئيسية بعد أن شنوا منذ 5 سنوات عدوانا على الشعوب العربية إن الوقائع تؤكد أنهم لم يتوصلوا إلى أهدافهم إن العرب لم يركعوا بل تعزز تصميمهم في الكفاح إن العرب لم يصبحوا اضعف بل تقووا من النواحي العسكرية والاقتصادية والمالية إن الحركات التحررية في الشرق الأوسط لم تضعف بل شهدت نموا مضطردا إن صداقة وتعاون الشعوب العربية مع البلدان الاشتراكية ومع القوى التقدمية في العالم اجمع تعززت وتلعب دورا متزايدا في ردع العدوان وفي الكفاح في سبيل تصفية آثاره وفي سبيل حل الأزمة القائمة في الشرق الأوسط، إن البلدان العربية تطور اقتصادها الوطني وثقافتها وتعززت مواقعها في المضمار الدولي وقد ازداد تضامن العرب في الكفاح ضد العدوان وضد سياسات الاستعمار الذي كان ولازال عدوا صميمياً لشعوب كافة البلدان العربية بدون استثناء، كلما اتسع نطاق نجاحاتها وكلما تعززت مواقفها فإنها تعزز في العلاقات بين البدان العربية كسبا للمعركة ضد أعدائها إنهم أعداؤها يبنوا كل حساباتهم على توقع تطور الأمور في اتجاه تعميق الخلافات بين البلدان العربية لذلك نرحب بحرارة بالخطوات السياسية الهامه لعدد من حكومات الدول العربية بما فيها حكومة الجمهورية العراقية الرامية إلى تعزيز تضامن البلدان العربية وتمكين تعاونها بعضاً لبعض في الكفاح كما يبدو السلاح الأقوى الذي اكثر ما يخشاه أعداء الشعوب العربية جميع هؤلاء الذين يحاولون زعزعة الحركات التحررية في الشرق العربي وفي جانب القضية العادلة للدول العربية تقف مجموعة الدول الاشتراكية والعديد من البلدان المحبة للسلام ويؤيدها الراي العام العالمي التقدمي إن أعداء الشعوب العربية يريدون أن يزرعوا بذور عدم الثقة إزاء أصدقاء العرب ويبثوا الشقاق في العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والبلدان العربية مستغلين في ذلك الشعارات الزائفة لمعادات الشيوعية ومعادات السوفييت ولكن من المقدر لمثل هذه الدسائس أن تبوء بالفشل لان نجاحها يصبح اصعب فاصعب إزاء يقظة الشعوب العربية التي تعي أن تعزيز التعاون مع البلدان الاشتراكية ومع بقية البلدان الصديقة ضمانه لانتصار قوى السلام والتقدم إن الآمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ليونيد بريجينيف عندما القى خطابه في المؤتمر 25 للنقابات السوفيتية مؤخرا في موسكو صرح باننا سوف نستمر فيما بعد في تعزيز وتمكن العلاقات مع الدول العربية التقدمية خدمة للمصالح المشتركة لشعوب بلداننا باسم العدالة باسم الحرية والتقدم للشعوب العربية باسم السلام الوطيد في الشرق الأوسط أن الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي والحكومة السوفيتية يتجهان بثبات في الشؤون الدولية السياسية الخارجية اللينينية إنها سياسة ردع الاستعمار وتأييد الحركات التحررية في العالم اجمع أنها سياسة التعايش السلمي بين الدول ذات الأنظمة الاجتماعية المختلفة أن الاتجاهات العملية لهذه السياسة في المرحلة الراهنة قد حددها المؤتمر ال 24 للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي التي تجلت في برنامج السياسة الخارجية التي استحسنه المؤتمر والذي نال صدى واسعا كبرنامج سوفيتي للسلام لقد مضت سنة منذ بدء البرنامج بنشاط وبنجاح يخطط للسياسة الفعلية للحزب الشيوعي والدولة السوفيتية أن الاتجاه الرئيسي للسياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي هو الكفاح الدائب اليومي في سبيل تصفية منابع العدوان الاستعماري في سبيل حرية الشعوب والأمن الدولي أننا إذ نشهد اليوم معكم في شمال الرميلة أعياد الشعب العراقي نود أن نعرب عن تضامننا الأخوي الحار للشعب الفيتنامي البطل وغيره من شعوب الهند الصينية التي تكافح في سبيل حقها بالسيادة والمستقبل الزاهر فهم شعب وجيش جديرون  بذلك  كمناضلين .

وفي ختام كلمة كوسيجين انتقل السيد صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة والكسي كوسيجين إلى محطة الضخ الرئيسبة لإدارة عجلة جريان النفط الخام في أنابيب كبيرة من الحقل إلى ميناء التصدير وبذلك انتهى الاحتفال الكبير وعادت الوفود إلى بغداد.

من كتابي جسر الإعلام وعربات السياسة

تعليقات

أحدث أقدم