عمال المعرفة .. نفط المستقبل

مشاهدات



تحسين الشيخلي


في ظل الثورة المعلوماتية و الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة تراجعت أهمية الموارد الطبيعية الى مرتبة أدنى بينما أحتلت الموارد المعرفية المتمثلة بالعقول المنتجة مرتبة متقدمة .

و أصبحت عملية تنمية الموارد البشرية في عصرنا الحاضر تتبوء ركنا أساسيا من أركان الأدارة الحديثة ، نظرا لما لها من صلة مباشرة برفع الكفاءة الانتاجية للقوى البشرية و تفعيل مشاركتها في التنمية الاقتصادية الشاملة و بما يحقق للمجتمعات اهدافها الموضوعة بكفاءة و فعالية ، ويدفع باتجاه ايجاد مفاهيم جديدة للتنمية وفق أسس الاقتصاد المعرفي و المعلوماتي و عالم يتسم بالتنافس الشرس. حيث تعتبر الكوادر المؤهلة أحدى المقومات الاساسية لأمتلاك القدرة على التنافس و البقاء. 

و بالرغم ان الكثير من الدول و الشعوب تمتلك الثروات و الموارد الطبيعية الهائلة لكنها لم تستطع أن تحقق أي نمو أقتصادي يذكر، و بعضها ما زال تحت خط الفقر ، و أخرى لم تغادر قائمة الدول النامية لتلحق بركب الدول المتقدمة. و هكذا فليست الثروات و الموارد الطبيعية هي العامل الحاسم و الاساسي رغم اهميتها في الرفع من معدلات التنمية الاقتصادية و التحول التدريجي صوب الاقتصاديات المتطورة . فهناك عوامل اخرى أكثر فاعلية و أهمية و قد تفوق العوامل المرتبطة بالموارد الطبيعية آلا وهي تنمية الموارد المرتبطة بالانتاج المعرفي وهي قدرات الأنسان ، الانسان المنتج للمعرفة الرقمية او كما أطلق عليهم عالم الاقتصاد بيتر دراكر ( عمال المعرفة ) .أضافة الى السياسات التعليمية و التدريبية التي تتوائم مع سوق العمل لاستيعاب مخرجات العملية التعليمية ، ولا سيما ان بناء القدرات هو الوسيلة الوحيدة لتقليص الفقر و توليد فرص عمل جديدة و زيادة النمو الاقتصادي.

الاقتصاد المعرفي هو الاقتصاد المنتج للمعرفة و الذي يعتمد على العقول ، البنية التحتية المرتكزة على تكنولوجيا المعلومات ، و المعلومات ، او كما عرفه البنك الدولي ، الاقتصاد الذي يحقق استخداما فعالا للمعرفة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، و يرتكز الاقتصاد المعرفي على ركائز اساسية ، وهي ، التعليم ، و الابتكار ، و بنية قوية في مجال الاتصال و المعلومات ، و الحوافز الاقتصادية.

و بقدر ما يتم الاستثمار في عمال المعرفة و تطوير قدراتهم و مهاراتهم بقدر ما يتحقق من نمو او نهوض تنموي شامل . و هكذا فأن هذا الأستثمار أضحى اليوم منهج أساسي يستهدف خلق قوة بشرية و ثقافة معلوماتية و ايجاد مهارات و معارف جديدة تسهم في تهيئة الظروف الملائمة لأحداث التنمية المستدامة و التحول التدريجي نحو مجتمع ذو اقتصاد معلوماتي تشكل المعلومات فيه موردا اقتصاديا رئيسيا .

أن تنمية الموارد البشرية المتمثلة في الطاقات المنتجة للمعرفة في أوطاننا ما زالت كما غيرها من القضايا الحيوية تعاني من قصور و تدني كبير و تواجه تحديات أبرزها التطورات التقنية و النظم التعليمية المتخلفة و الفساد في منح الفرص العادلة للتوظيف و العمل و التي أدت الى تقليص فرص العمل و زيادة تفاقم البطالة في سوق العمل .

عليه لا يمكن الحديث عن أي نهوض أقتصادي شامل في ظل غياب ستراتيجية واضحة لتنمية هذه الطاقات تتضمن تحديث و تطوير منظومة التعليم و التدريب بجميع عناصرها ، و الاهتمام بمخرجاتها ، بما يلبي الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل ومتطلبات التنمية ، و يواكب المعرفة و التقنيات الحديثة للقرن الحادي و العشرين .


تعليقات

أحدث أقدم