الأهمية الحاسمة للتسلسل الحزبي .

مشاهدات

 



ضرغام الدباغ

يعلم كل من له تجربة طويلة في العمل الحزبي أن التسلسل والمراتبية لم توجد في العمل الحزبي بدون داع . وإن تجربة الأحزاب الثورية غنية جداً وثرية في هذا المجال تحديداً. وفي العراق أختص الحزبان : الشيوعي العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي في تربية الكوادر الحزبية القادرة والكفوءة ولكن حدث أكثر من مرة خرق لقاعدة الضرورة الحاسمة لتجربة العمل التسلسلي في القيادات الحزبية وفي معظم حالات الخرق لهذه القاعدة يحدث ثغرة أو تداعيات خطرة على أمن التنظيم وكيانه وسياسته وأذهب أبعد من ذلك وأقول على مستقبله.

أريد أن أعيد مرة أخرى صفات القائد الحزبي / السياسي فأقول أن الشروط الثلاثة هي ذات أهمية بالغة ليكون القائد الحزبي مثاليا في قدراته وهي :

1. الكفاءة النظرية.
2. الكفاءة التنظيمية القائمة على التجارب.
3. التاريخ النضالي المشرف.

وإن أي نقص في هذه الشروط تقلل من كفاءة القائد فمثلاً أن شجاعة القائد مهمة جداً ولكن الشجاعة بدون قدرات نظرية / ثقافية / آيديولوجية قد يتحول القائد إلى مغامر والنقص في التجربة التنظيمية النضالية سيؤدي به إلى اتخاذ قرارات غير صائبة في معرفة معادن المناضلين ومن يصلح منهم لهذه المهمة دون سواها ومن لا يصلح فمن يصلح للعمل في أوساط العمال قد لا يصلح للعمل في صفوف الفلاحين . وأمثلة كثيرة معروفة تغني عن الأستطراد . وشخصياً أعرف قائد حزبي ثقافته النظرية متواضعة ولكنه يتمتع بسحر لا يقاوم في صفوف جماهير الفلاحين ..

التاريخ النضالي ومرور الرفيق في العمل في القيادات المتسلسلة مهم جداً فهو يمنحه التجربة في صحة القرارات المتخذة وإمكانية تطبيق القرارات ودرجة نجاحها المتوقعة وتمنح القائد بعد النظر وعمق الرؤية وباستطاعة القائد في القيادات العليا أن يدرك ما يدور في التنظيمات الصغيرة بحكم تجاربه القديمة والكثيرة ومن هنا نتأكد أن عواقب تصعيد عناصر لا تملك التجربة إلى الدرجات القيادية العليا سينطوي على الأرجح على نتائج غير محمودة وليس للقيادة أن تلوم أحد اعضاءها وتحاسبه على قلة تجاربة فهو ما كان ينبغي أن يكون في هذا المكان أصلاً.

والقادة المجربين يدركون هذه المعطيات تماماً ولكن في معظم الحالات التي يجري فيها خرق للقواعد الحزبية تحدث بحسن نية أو بدافع فردي ...

• بحسن النية : حين يبدي أحد الرفاق المناضلين شجاعة خارقة ترفع من أسهم الحزب بين الجماهير ويحصل إجماع أو شبه إجماع على تكريم هذا الرفيق الرائع لمأثرته. وبتقديري فإن شكر القيادة والتنويه ببطولة هذا الرفيق تكفي لتكريمه أو في حالة أقصى تعيده مرتبة واحدة، أما رفعه من القاعدة أو القيادة الصغرى فورا إلى القيادة العليا فهذا عمل خاطئ بالتأكيد وسيكون له آثاره السلبية وفي جميع الحالات التي عايشتها نجم عنها آثار سلبية وأحيانا سلبية جداً.

• بدافع فردي : تحدث بما أطلق عليه ب " الاستزلام " وهذه تحدث عندما يقوم أحد الرفاق القياديين بتصعيد غير مستحق لرفاق من القاعدة إلى القيادات بهدف تكوين قاعدة حزبية مضمونة له شخصياً وهذا الرفيق يعلم أنه نال الحظوة بسبب احتسابه على الرفيق القائد وليس لصفاته النادرة. فسيتصرف داخل الجهاز على أنه محسوب على القائد (س) وهذا سيدفع إلى الشلل والتكتلات كنتيجة حتمية.

وفي أتساع الظاهرة وامتداداتها أحداث كثيرة لها تفاصيل وتشعبات غير محمودة النتائج ومن غير المستبعد أن تحصل اختراقات من قوى معادية والسبب أن الرفيق الذي صعد بدون استحقاق يحاول التشبث بكل وسيلة تبقيه في المقدمة ومن تلك أنه سيحاول أن يوسع مكانته وبذلك يتسع الخرق وأحداث لا تخطر على البال وغير متوقعة البتة.

عندما حصلت الأزمة في الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي في الستينات وبعد تصفية القيادات اليمنية وكان واضحا أن الاجهزة الاستخبارية الغربية كانت قد حققت خروقا وليس خرقا واحداً والأمر أستدعى تحقيقاً دقيقاً أسفر فيما أسفر عنه وجود قيادي في الحزب بمرتبة قيادية يعمل عميلاً لإحدى أجهزة المخابرات الغربية كانت له مهمة واحدة لا غير . هو ضرب العناصر الحزبية المخلصة والكفؤة وعدم السماح لها بالتقدم الحزبي بل وإذا أمكن وضعها خارج الحزب .

الأحزاب الوطنية والقومية في العراق وفي المنطقة وبسبب تاريخها النضالي وهويتها الوطنية الأصيلة المخلصة للوطن تتعرض بالطبع لأختراق. وأجهزة المخابرات المعادية تمتلك من الخبرات والتجارب والمعلومات الوفية جداً بسبب شيوع أستخدام أجهزة التواصل الالكتروني تملك معلومات وقدرات مالية وأساليب شراء الذمم بوسائل جهنمية.

الحرص على التقاليد النضالية / الحزبية والتمسك بأهداب قواعد العمل وأعتماد الشروط الصحيحة يجنب الحزب الثوري الكثير من الهزات وحالات التسيب والشلل والتكتلات ....

تعليقات

أحدث أقدم