صفحات من تأريخ حياتي

مشاهدات

 


 نجلاء السامرائي 


اليوم تذكرت بعض صور العدوان الذي وقع على العراق الشامخ في 2003/03/19  لأني لم اكن اتصور ان يمكث الاحتلال طيلة هذه الاعوام . عندما بدأ كنت اجلس في البيت ولم اغادر بغداد وكنت اسارع الى جامع الامام الاعظم لأصلي وندعو الله ثم تتعالى التكبيرات التي كان الشيخ الشهيد عبد الرزاق القيسي يطلقها وهو حامل سلاحه . وفي يوم 25 طلب منا الإسراع بالتطوع لمساعدة الجرحى في مستشفى النعمان والتحقت بها مع شقيقتي ومجموعة من صديقاتي وكنا كل يوم ننطلق الى المستشفى ونبقى فيها الى ما بعد المغرب ونعود الى دورنا . طلب منا اشعال النار في المناطق بعد ان قطع التيار الكهربائي وقد تجمع الشباب من اخواننا من الجزائر وتونس وليبيا وفلسطين وسوريا والسودان الذين كانوا قد وصلوا للقتال مع شباب العراق . ولكن تركوا بلا دليل او مُنسّق . ولقد شاهدت العجب من البعض من ذوي النفوس الضعيفة كما حدث في منطقة البنوك او حي اور الذي كان فيه مخازن لوزارة التجارة والصناعة وتم الهجوم عليه من السراق وبادرت الشرطة لإطلاق النار في الهواء لتفريقهم وكانت طائرات العدو ترصدها فاعتقدوا انها المقاومة تستهدفهم فتم فاطلقوا عليهم النار مما اصاب الكثيرين الذين تم جلبهم الى المستشفى بالبيك اب ولما انزلوا كانت احداهنَّ قد فقدت عينها واخذت تُطالب بالتعويض من القيادة واخرى اصيبت بقطع وريدها من الرقبة فلم تلبت ان ماتت ولم تفلح معها العمليات . اما الشباب العرب فقد كانوا يُقاتلون في الشوارع القريبة من الأعظمية . وكان الجرحى من الجيش والمدنيين يتم جلبهم بعد ان تم سرقة ونهب وتدمير مستشفى ابن القف وغيرها من المشافي لكن اهل الاعظمية قاموا بحماية مُستشفى النعمان من التدمير والنهب . وقد انسحب كل الموظفين والكوادر الوسطى الذين كانوا من خارج المنطقة فاصبحنا نحن نعمل مع الباقين من اهل الاعظمية وتم جلب جرحى المقاتلين العرب وقد استشهد احد الشباب الجزائري والثاني اصيب بجروح بليغه وكان يبكي لأنه لم يستطع ان يستمر بالقتال وكان يقول لماذا خذلتمونا كما خذلنا في افغانستان وقد اجريت له عملية وتم اخلاءه مع بقية الشباب العرب الى سوريا لاستكمال علاجهم هناك وتم دفن الشهداء في مقبرة الإمام الاعظم الخاصة بهم . كانت ايام عصيبة خاصة بعد يوم 9\4 وقد حوصرت دبابات العدو في ازقة الاعظمية في منطقة الحارة التي كانت ضيقة لا تستطيع الدبابات المرور بها فتم الاجهاز على طواقمها ولكن الطيران السمتي للعدو اخذ يطارد الفدائيين وقتل منهم البعض وتم قصف مدينة الاعظمية بالمدفعية وكانت الخسائر فادحة وحتى مقبرة الموتى قُصفت بحججٍ واهية والجامع لم يسلم ايضا وبعدها بدا هجوم الحثالى من السراق على الدوائر الحكومية في المنطقة . وقد كانت السيدة المحترمة هدى عماش قد استلمت رئاسة منظمة الشباب وتم استئجار دار على كورنيش الاعظمية يبعد عنه منزلين قد جعلا بديل للقصور الرئاسية وتم الهجوم عليهما وسرقتهما ولم يبقوا على شيء من الاثاث الذي كان جديدا ولا ادري كيف وصل العلم لهؤلاء وهم يسكنون بمناطق شرق العاصمة ثم سرقت ونُهبت دار المحكمة ورعاية القاصرين والبنك ومركز الشرطة وحاولوا نهب جامع الإمام الاعظم الا ان الحرس اغلقوا ابوابه ودافعوا عنه . اما الجرحى فقد كان العسكر مصابين بظهورهم من بشظايا غريبة وكأنها تلتصق بجسم الجريح وكنا عندما نحاول استخراجها وعلاجه يأخذ بالصراخ فنعطيه منشفة نظيفة ليضعها في فمه حتى يتحمل الالم . وكان احد الشباب العشرينين وهو مدني اصيب بقذيفة اخترقت غرفته واصيب بحروق في بطنه وفخذيه وكان وزنه ثقيل نوع ما وكنا ننظف جروحه وهو يصرخ . وكان كثير من الجرحى يتم جلبهم من اماكن بعيدة للعلاج في المشفى لبقائها تحت حماية اهل المنطقة . 


اضطرت ابنتي ان تقوم بالطبخ للجرحى ببعض الاكل مثل الشوربة وغيرها لسد الحاجة وايضا عملت المعجنات مثل الكليجة لإعطائها لهم اثناء رجوعهم لأوطانهم وكان زوجها يجلبه الى المستشفى . وبقينا نعمل على هذا المنوال حتى نهاية الشهر الخامس لنعالج الجرحى الذين كانوا يأتون بهم من عدة اماكن قريبة من بغداد مثل بعقوبة وابو غريب والعامرية والحسينية والراشدية والكاظمية . كنا نحاول الاستماع الى مراسلي القنوات والصحف الذين كانوا يتجمعون في باب جامع الامام الاعظم ويحاولون الاستفزاز او السؤال عن شعور المواطنين ازاء الاحداث فلم اتمالك نفسي الا ان طردت مراسل وكالة رويترز الذي قال ان اميركا احتلت مطار صدام وقلت له انك كاذب وكنت اعلم ان القوات العراقية هي المسيطرة عليه ولكني صدمت بعد ان دخل الخونة والعملاء مع بساطيل المحتل الذي اخذ يجول في شوارع الاعظمية وهي المنطقة الاخيرة التي وقعت بيد المحتل الغاصب وظلت تقاوم فلا اقول الا ان العراق قد مرض وسيشفى ان شاء الله ويعود معافى سليما بسواعد شبابه الغيارى .

تعليقات

أحدث أقدم