بمناسبة عيد نوروز . العيد القومي للفرس!!

مشاهدات

 


بقلم : المفكر العربي الفقيد "باقر الصراف"

عيد نوروز المصادف يوم 21 من شهر آذار من كل عام، هو مناسبة عزيزة على قلوب العديد من الشعوب والقوميات المشرقية ففيه يحتفل الشعب الكردي والأفغاني والتركي والفارسي وغيرهم من الأمم كما تعتبره الأقلية البهائية عيداً "دينياً" مقدَّساً تنهي به صيامها الذي يستمر لمدة 19 يوماً حيث تمتنع عن تناول الطعام بدءاً من الساعة 6 صباحاً وبشكل يومي وتنهي الإلتزام بالإمتناع عن الأكل والشرب عند الساعة السادسة مساءً وتستمر الأقلية بهذا التقليد على هذه الحال لفترة زمنية تبلغ شهراً واحداً علماً أنَّ مجموع أيام الشهر لديها يبلغ 19 يوماً.

ولكن "الفرس الصفويين" من بين كل تلك الشعوب والقوميات يحاولون "مزج" هذا العيد القومي بالإعتقاد المذهبي "الإثني عشري" فيوردون روايات ما أنزل الله بها من سلطان عن الإمام جعفر الصادق وغيره من الأئمة كون هذا العيد "مقدًّس" وهذا "الإعتقاد ملفق" للتسوية بين الرؤية الزرداشتية من جهة والرؤية الإثني عشر الإسلامية من جهة أخرى فيتم الإحتفال به لمدة 13 يوماً تعطل فيه المؤسسات التربوية والدوائر الرسمية ويتقافز به الشباب والشابات فوق "النيران المجوسية" في تواصل للتقاليد الزرداشتية وفي غالب الأحيان تمتد العُطل الرسمية ثلاثة أسابيع .

ورغم أنَّ تسمية الدولة الإيرانية هي "جمهورية إيران الإسلامية" فإن العيدين الإسلاميين: عيد "فطر المبارك" الذي يعقب شهر رمضان حيث يصوم المسلمون فيه لمدة ثلاثين يوماً وعيد "الأضحى المبارك" الذي يتزامن مع أداء المسلمون فريضة الحج وهو تكليف قرآني لمن "إستطاع إليه سبيلا" لن توليهما هذه "الجمهورية الإسلامية" الإهتمام المطلوب فتقتصر العطل الرسمية لهما على اليوم الواحد لكل منهما أي اليومين لكليهما.

أما إضطهادها للبعض الذي يعيش في إيران عن إقتناع أو إضطرار فحديث تطول عناوينه المأساوية سواء بحق العرب المسلمين أو الأقليات المذهبية السنية البلوشية والكردية أو لدى أتباع الدين البهائي فمنظمات حقوق الإنسان العالمية مليئة بقوائم الإعدامات البشرية والمطاردات القمعية والإعتقلات الجائرة وعمليات إطلاق النيران العشوائية على الأبرياء ضد العديد من أتباعهم .

ولم يكتفِ الفرس بالممارسات القمعية والتعسفية فقط بل ألحقوه بالمصفوفات النظرية حول "معصومية القائد" للدرجة التي تقربه من "الصورة الإلهية" إذ يقول الدستور الإيراني الراهن وفي مادته الخامسة :"في زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر الشجاع القادر على الإدارة والتقدير وذلك وفقاً للمادة (107)" .

ويضيف صاحب الدراسة الأكاديمية الذي نستشهد بدراسته الأكاديمية وهو الدكتور شبَّر الفقيه : إنَّ "هذه الصياغة توحي بأنَّ هذا الفقيه هو نائب أو وكيل الإمام المهدي حتى وإنْ لم تنص صراحة على ذلك كما أنَّ كتابات الخميني التي يمكن أنْ تعد {مذكرة تفسيرية} لنصوص الدستور تعتبره كذلك . . . وسلطة الإمام في المذهب الشيعي ليست فحسب مطلقة، ومقدَّسة أيضاً" [1] . . .

وإذا واصلنا الإستخلاصات بناء على ما تقدم يمكننا القول : إن الخميني ومن بعده الخامنئي هما بمرتبة الإمام المهدي الذي هو نائب الإله على الأرض منذ غيبته الكبرى ويكون موقفهما تجاه الحقوق البشرية والحريات الشخصية هما المعيار الأساسي في تلك "الجمهورية الإسلامية" خصوصاً أنَّ المادة الدستورية رقم 12 تنص على أنَّ: "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب هو الجعفري الإثني عشري وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير" .

ولكن هذين النائبين "العادلين" بشكل مطلق كما يؤكد الدستور ونظراً لكونهما مسؤولين عن النظام القائم في إيران يتحملان المسؤولية الكاملة عن عمليات الإعدامات اليومية المتواصلة وشراء الأسحلة من إسرائيل لقصف العراقيين المسلمين بالطائرات كما وثَقَّته نصوص "إيران كيت" المعروفة وإتفاق "الجمهورية الإسلامية" المزعومة مع الأمريكيين الصهاينة لإحتلال العراق في العام 2003 بشهادة السفير الأمريكي في العراق : زلماي خليل زاد في الكتاب الذي أصدره قبل سنوات .

ويمكن إضافة الشخصية العلمائية الإيرانية حسين علي منتظري وهو نائب خميني في الوقت نفسه قبل إقصائه من منصبه الذي دان النظام السياسي الإيراني "الإسلامي" بسبب تلك العملية الخسيسة علاوة على ظلمه الفادح للشعوب الإيرانية المتنوعة القوميات الذي ورد في الكتاب الذي إستشهدنا به سابقاً حيث يقول : "وكانت إيران بحكم إستلهامها أعظم الخلفاء تسامحاً مع معارضيه علي بن أبي طالب وبحكم أخلاق الحسن والحسين أنْ تكون أبعد النظم عن التعذيب" وهي مقاييس تجريبية من الصعوبة الإرتقاء إلى ما يماثلها على صعيد التجريب السياسي خلال التاريخ المعاش كله وهو الأمر الذي يجعل من الأقوال تلك مجرد دعاية أيديولوجية بحتة يسوق فيه الفرس تفرد تجربتهم السياسية .

إلا أننا رأينا حسين علي منتظري : نائب خميني يورد التالي: "ومع هذا فإنَّ آية الله منتظري الذي كان مُرشحاً لخلافة الخميني كتب إلى الخميني نفسه: سمُع أنكم قلتم أنَّ فلاناً يقرنني بالشاه وأمني بسافاك طبعاً لا أفرض أنَّ سماحتكم هو الشاه. ولكن جرائم أمتكم بيضت صفحة الشاه والسافاك. هذه الجملة أقولها بإطلاع دقيق. وليس من شـهادة تقدم من خليفة الخميني إلى الخميني نفسـه مثل هذه . . . " وكفى بآية الله : نائب خمينى ووقائع تاريخية لا تُحصى ولا تعـَّدْ من شهادة إدانة لنظام قائم على الغدر والقتل ومختلف صنوف الإجرام .


 
المراجع والهوامش :
[1] ـ راجع كتابه الأكاديمي المعنون مفاهيم الفكر السياسي في الإسلام: إشكالية الأمة والدولة تأليف الدكتور شبَّر الفقيه : دكتوراه في العلوم السياسية والفلسفة والأدب العربي إصدار دار البحار ـ بيروت / لبنان دون ذكر لرقم الطبعة أو تاريخها ص 469 . وهذه الدراسة الأكاديمية التي إستغرقت صفحاتها المطبوعة 536 صدرت من إيران وعن إحدى جامعاتها "الإسلامية" .

[2] ـ المصدر السابق ص 469 .

[3] ـ المرجع السابق  ص 475 ـ 476 .

تعليقات

أحدث أقدم