العر اق : الاذاعة الكردية صوت وتاريخ اسكت عام 2003

مشاهدات







سيروان بابان


(كورم ئه مه بو به زماني كوردي قسه ناكات)
(ابني هذا لماذا لايتحدث باللغة الكردية )

الاحد المصادف 29/1/1939 تاسست الاذاعة الكردية كقسم تابع لاذاعة بغداد انطلق الصوت الكردي من بغداد الى السليمانية صوت ياتي عبر جهاز يراه الناس لكنهم لايرون المتحدث وكان غريبا عليهم يجلسون ويستمعون اليه بدهشة بل من يراه  سحرا عجيبا وصوتا مغردا نعم انه صوتا مغردا بانواع متعددة من التغريدات كلا حسب محطته ولغته ولتصل الى مسامع البشر اينما يكونوا وتبدأ الاحاديث والروايات ويتسائل الكثيرون ما هذا الجهاز ..ينبري شخصا من الجالسين يقول انه راديو ويشرح لهم بعض التفاصيل التي عرفها عنه  . وشيخا اخر يساله ( كوروم ئه مه بو به زماني كوردي قسه ناكات ) وهو منزعج لانه لايفهم مايقول الجهاز ..ويشرح له ذلك هذا الحوار امام اول جهاز راديو وضع في مقهى ( حه مه ره ق ) في مدينة الثقافة ( السليمانية ) . لينتقل الحديث بين كافة الاوساط حتى وصل الى بغداد مدينة الحضارة والتقدم والنهوض الفكري . لتنقل هذه المعلومة الى المسؤولين الحكوميين في زمن الملك غازي ( رحمه الله ).
الادارة والتاريخ ..

29-1-1939 تاسست الاذاعة الكردية كقسم تابع لاذاعة بغداد وكان مقرها في بغداد لينطلق صوتها الى الشعب الكردي وتعد الاذاعة الكردية ثالث اذاعة تاسست في العراق بعد اذاعتي بغداد وقصر الزهور الملكية لكنها تعد ثاني اذاعة تزامنت مع نشوء اذاعة العراق وواصلت بثها بشكل مستمرحتى عام 2003 كأذاعة وطنية تبث برامجها من ( دائرة الاذاعة والتلفزيون في الصالحية ) وبساعات بث تجاوزت (19ساعة ) بشكل متواصل ولكل المواد السياسية والثقلفية والدراما والتنمية.

السيد كامل امين اصبح اول مدير لقسم الاذاعة الكردية وبالتعاون مع مذيع للاخبار في الاذاعة نفسها اما منهاج الاذاعة الكردية فقد كان يعد ضمن منهاج اذاعة بغداد والتي كانت لا تتجاوز مدة بثها انذاك 15 دقيقة حيث بدأت ببث برامجها في الساعة الثامنة مساءً بعد انتهاء نشرات الاخبار باللغة العربية وتضمنت برامجها على اذاعة الاخبار وبعض الاغنيات المسجلة على الاسطوانات لعدد من المطربين الاكراد فضلاً عن بعض الاغنيات التي كان يقدمها مطرب الاذاعة واول من عمل معها الاستاذ علي مردان (رحمه الله ) الذي يعد من اقدم العاملين والمطربين الذين عاصروا افتتاح الاذاعة الكردية في بداية سنة 1941 تم تعيين عبد القادر قزاز كمترجم في الاذاعة الكردية حيث قام بالتعاون مع كل من رشيد نجيب وانور صائب بترجمة الاخبار الخارجية من اللغة الانكليزية الى اللغة الكردية ومن ثم صدر أمر بتعيين عبد القادر قزاز مذيعا للاخبار وتحمل مع كامل امين مسؤولية ادارة الاذاعة .

ساهما كل من كامل امين وعبد القادر قزاز بتشجيع الخبراء والمثقفين والمطربين والمطربات الاكراد بالحديث حول المسائل التي تفيد الاذاعة وتطورها وعملا مسحا فنيا اوليا على المحافظات الكردية انذاك لاستقطاب الفنانين والمطربين .وفي اواخر عام 1941 تم شراء اجهزة بث عديدة وتم ايضا تخصيص الموجات القصيرة والمتوسطة القديمة للقسم الكردي وادى ذلك كله الى اطالة بث هذا القسم فاصبح ساعة ونصف حيث يبدا من الساعة (5,00) مساءا الى (6,30) مساءا واحتوى المنهاج على الاخبار واذاعة حفلات المطربين اضافة الى برامج تنموية وتضمن ايضا برنامجاً خاصاً للاطفال كانت تقدمه لطفية قزاز بمساعدة لطيفة قفطان وناجية قزاز وهو برنامج اسبوعي عبارة عن قصة للاطفال او نصيحة للتربية الجيدة وتنمية الاطفال ولم يخل المنهاج من البرامج السياسية فقد احتوى على برنامج (تعليق سياسي) الذي كان يتناول المواضيع الصادرة في الصحف ويترجم الى اللغة الكردية .

في عام 1947 فقد اصبح الوقت المخصص للبث الكردي هو ثلاث ساعات وتواصلت الاذاعة الكردية عبر مسؤولي وزارة الخارجية انذاك وعن طريق سفارتها استيراد الاسطوانات الكردية التي كانت تمتلكها الشركات الاجنبية وكانت هذه الاسطوانات لكبار المطربين والمطربات الاكراد آنذاك منهم (ام جمال)  ملا كريم كاويس آغا مريم خان  فضلا عن ذلك تم استيراد الآت التسجيل الاذاعي لاول مرة عام 1948 .

اما في سنة 1949 فقد خُصصت ساعة واحدة لبث المنهاج الكردي ضمن الفترة الصباحية حيث تضمن المنهاج الاخبار والاغاني وعرض التمثيليات الاجتماعية والفكاهية الساخرة اضافة الى المنولوجات الفلكلورية الكردية التي كان يقدمها الفنان شمال صائب واندراوس خمو الذي اشتهر باسم باكوري وفي تلك الفترة عُين مترجمون ومذيعون وموظفون لأعداد البرامج والاغاني ومختصون في البرامج الثقافية والدينية والسياسية والتاريخية والاجتماعية الامر الذي ساهم في دعم وتطوير البرامج في الاذاعة الكردية من احاديث ومواد متنوعة . وبغية توسيع خدمات الاذاعة الكردية وبواسطة النقل الخارجي للحفلات والمهرجانات وتسجيل الأغاني والاحاديث داخل العاصمة وخارجها تم شراء سيارة نقل خارجي لتضاف الى اجهزة الاذاعة والتسجيل المتنقلة ومن هنا بدأت فكرة تعيين المراسلين الاذاعيين فعين سعد الله صبحي مراسلا ومنصتاً لها في شمال العراق .

كان لافتتاح الاذاعة الجديدة في 2/5/1951 في منطقة ابي غريب ودخول الاجهزة الحديثة تأثير بالغ في تحسن مديات البث بشكل افضل وفي عام 1952 تم نصب محطة للاذاعة اللاسلكية في مدينة كركوك  في منطقة (المصلا) وفي عام 1954 تم تشييد محطة اذاعة كركوك ونصب المرسلات الخاصة بها لغرض التقاط الموجات الصوتية لمنهاج الذاعة الكردية وضمان وصل البث على المناطق الكردية كافة . كان للاذاعة الكردية منذ ذلك التاريخ نظام اداري خاص بها ونظام تسجيل ومونتاج وبث لكل المواد وخصصت لها ثلاث (استديوهات )
1- ستديو التسجيل الصوتي 
2- ستديو المونتاج ويستخدم لمونتاج كافة البرامج 
3- ستديو البث والبث المباشر 
وكان للاذاعة الكردية المكتبة الاذاعية الخاصة بها والتي اصبحت من كبريات المكتبات الصوتية المحلية حتى عام 2003  يوم شهد العراق احتلالا بربريا لتختفي المكتبة الصوتية هذا الارث الثقافي التاريخي . وفي سنة 1956 قررت الاذاعة الكردية تغيير وزيادة بث ساعات الاذاعة الكردية حتى وصل بثها الى (7) ساعات في اليوم مقسمة على فترتين الفترة الصباحية و الفترة المسائية .

واستمرت الاذاعة الكردية في التطور وزيادة ساعات البث على مراحل متعددة ولم تتاثر بالظروف السياسية والتقلبات التي مر بها العراق وصولا الى عام 1968 في ظل الحكم الجمهوري وبعد بيان الحكم الذاتي عام 1970 شملتها كما شمل كل مفاصل الاعلام الرعاية والاهتمام من قبل كافة الدوائر الحكومية المعنية واخذت الثقافة الكردية مجالها الواسع وتطور بناء المؤسسات الخاصة بالاعلام الكردي والثقافة الكردية وفي كل المجالات الفنية ايضا وتم تاسيس الفرق الموسيقية الكردية في المحافظات وبالتحديد بعد قانون الحكم الذاتي وتطوير الحركة الفنية في كردستان للحكم الذاتي وتشكلت فرقة السليمانية واربيل ودهوك وكركوك وكذلك بناء مؤسسات فنية واذاعية وتلفزيونية في كافة المحافظات لتساهم في رفد الاذاعة الكردية بالمواد كافة حتى وصل بثها اكثر من 19 ساعة باليوم بعد ان استقلت بعملها ليكون اسمها ( الاذاعة العراقية الناطقة باللغة الكردية ) ولها هيكلها الاداري الكبيرومقرها في داخل المجمع الاعلامي في الصالحية .
وكان للاذاعة الكردية الاقسام التالية :
التنمية / السياسي / الثقافي / التنسيق/ المنوعات / الدراما / الاخبار/ البث / الفني وكان اخر مديرا لها الاستاذ الفاضل الشاعر محمد سليم سواري .

الى ان سكتت وتوقفت عن البث نهائيا عند دخول دبابات الاحتلال شوارع بغداد التاريخ في نيسان 2003 بعد مسيرة اكثر من 63 عاما من العطاء من اجل خدمة الثقافة والادب والفلكلور والتراث والغناء الكردي وحلقة التواصل وهي تغرد في مسامع الشعب العراقي من القومية الكردية في كل العراق والعالم ،وساهمت مساهمة كبيرة في خدمة تطوير اللغة الكردية وكانت بحق مدرسة للغة الكردية .والسؤال المطروح انها لم تسكت طوال عشرات السنين رغم التقلبات السياسية لماذا سكتت في زمن يسمونه هم زمن الديمقراطية وتم إسكاتها نهائياً في العهد الجديد هل كانت هذه المؤسسة تستحق هذه العقوبة أم أن الأجندة الطائفية والحزبية والمصالح الضيقة دون المستوى لفهم رسالة هذه المؤسسة الثقافية والتربوية والفنية ؟؟

عمالقة الادب والفن الشعر الكردي والاذاعة الكردية :-
خلال العمر الطويل للاذاعة الكردية توافد عليها كبار المثقفين والادباء والشعراء والفنانين ومنهم صادق بهاء الدين وصبري بوتاني والدكتور نافع ئاكري وصلاح سعدالله والدكتور إحسان فؤاد والدكتور كمال مظهر والدكتور بدرخان سندي والدكتور معروف خزنه دار والدكتور وريا أمين والدكتور عادل كرمياني ولطيف هلمت ومحمد ملا كريم وعبدالرزاق بيماروسعيد زنكنة ومحمد سليم سواري . توافد على مدى عقودها و في إستوديوهات الإذاعة الكوردية في بغداد عمالقة الفن والغناء الكوردي حسن جزيري وعلي مردان ومحمد عارف جزيري وطاهر توفيق ورسول كه ردي وعيسى برواري وخليل وندي ونسرين شيرواني وكولبهار وتحسين طه وأحمد زيباري وأنور قرداغي ودلشاد محمد سعيد ومحمد قدري وخليل عبدالله وأحمد شيخالي وقادر أحمد واردوان زاخوي وأياز زاخوي وبيشره و جمال وعبدالله زيرين وغانم محمد وسعيد كاباري ومحمد طيب وشاكر محمد أمين وانور صالح وآخرين لا يسع المجال هنا لذكرهم جميعاً . 

الكوادر الفنية عبر تاريخ الاذاعة :-
وعمل في الاذاعة الكردية عدد كبير من المذيعيين والفنيين والمخرجين ومقدمي البرامج وأذكر منهم محمد جهاد حسن وعبدالإله موسى وشاكر منصور وسكفان عبدالحكيم وإسماعيل كيلاني وجعفر إبراهيم ومحمد صديق الإمام ومحمد المفتي ومصطفى داوود وقاسم محمد وكمال روؤف والدكتور ناظم جقسي والدكتور موفق سلمان وطارق برواري وجميل سندي ومحمد معصوم مائي ورمزي قزاز و كامل زير وحافظ القاضي وتحسین احمد البرواري وعب الحافظ انور مایی وعبد  الرحمن حكیم وخلیل الصالحي وجمال بابان و  ممد علي مدهوش ومعصوم انور مایی. وجمال برواري وهاوري بابان وحسين قاسم ومختار فائق وبهزاد محمد روؤف وإبراهيم سلمان وهاشم علي مندي وأحمد محمد علي وهاشم جباري ومحمد أمين هماوندي وإسماعيل إبراهيم وخليل إبراهيم وخالد خوشناو وحكيم جالاك ودلشاد مصطفى وبه لين جلال وجاسم وندي وانتصار جمال وناصر حسن وهيزا بدرخان وماجدة القاضي وقمرية حسن وشرين عباس وسكينة منصور وبخشان علي وبخشان محمود وروناك بكر وجوان ناصح وحسين علي خان وهدى محمد وآخرين يضيق المجال لذكر أسمائهم جميعاً وما أكثرهم وأقربهم . وقدمت الاذاعة الكردية عدد كبير من المسلسلات ضمن قسم الدراما الاذاعة من خلال تبنيها تسجيل المسلسلات باللغة الكردية منها كان يسجل في بغداد ومنها في الستديوهات الموجودة في كركوك واربيل والسليمانية واصبح لديها كادرا متخصصا في الدراما واستقطاب الفنانين من الممثلين والمخرجين لتكون المكان الجامع لهم لتقديم الافضل .


كلمة أخيرة اقولها وانا كنت احد منتسبي هذه الاذاعة العريقة وعملت فيها مخرجا لكثير من البرامج السياسية والثقافية والتنموية وكذلك ممثلا في بعض مسلسلاتها ان الإذاعة الكوردية كانت الرائدة في اختزال وازالة كل الحدود المصطنعة من قبل الاعداء بين الشعب الواحد في وطن واحد اسمه العراق يضم كل القوميات التاريخية وكذلك بين الشعب الكردي المنتشر في العالم والذي كان يستمع الى هذه الاذاعة الوحيدة والرائدة على مستوى الدول الاربعة التي ينتشر فيها الشعب الكردي وكان الفضل الكبير للعراق من خلال تاسيس هذه الاذاعة العظيمة التي تم اسكات صوتها من قبل الاحتلال واعوانه وسكتت تغريداتها بعد ان استمع لها ذلك الشيخ الذي انتفض واراد الاستماع لصوتها عام 1939 في مقهى (حه مه ره ق ) في السليمانية وقال لماذا لايتحدث الكردية ..ونقول له وهو في قبره لقد تم اسكات التغريدات الصوتية التي انطلقت من بغداد والتي طلبتها عام 1939 .

الف تحية للصوت الكردي الهادر الذي انطلق من بغداد التاريخ الى الشعب الكردي في كل العالم عام 1939 وسكت رسميا 9 نيسان 2003 يوم النكبة الدولية يوم احتلال العراق وبغداد التاريخ .

الصور 
صورة جماعية لمنتسبي الاذاعة الكردية في بغداد قبل 2003 
صورة الاستاذ الفاضل الشاعر محمد سليم سواري مدير الاذاعة الكردية 
صورة المخرج سيروان بابان( كاتب المقال )
صورة في ستديو مونتاج الاذاعة ( المخرجة انتصار جمال البرزنجي )
صورة في ستديو مونتاج الاذاعة ( المخرج سيروان بابان)

تم اعتماد بعض المقالات والكتابات كمصادر لإعداد المقال من
الاستاذ محمد سليم سواري الله يحفظه
الاستاذ جمال برواري الله يحفظه
مجلات ودوريا




 




تعليقات

أحدث أقدم