العرب وقانون استحقاق القوة

مشاهدات

 




 د. نزار محمود


القانون يتجاوز النظرية والفرضية في ثبوتيته وصدقية فعله وتأثيره وبالتالي اعتماده في تفسير سلوك الطبيعة والإنسان والحكم عليها بموجبه . وفي البدء كذلك لابد لي من تنظير في التفريق بين فعل القوانين الطبيعية عنها في القوانين السلوكية للبشر فإذا كانت الأولى ثابتة نسبياً في فعلها وتأثيرها فإن الأخرى أكثر تأثراً منها بعوامل وعناصر تكونها .


أحاول اليوم تسليط الضوء على ما أسميه  قانون استحقاق القوة في سلوك البشر الذي وجد تطبيقاته سابقاً في غابات الحيوانات المفترسة وقوانين التطور النوعي بغض النظر عن عدم قبوله والاعتراف به والخضوع له مثالياً وأخلاقياً . لقد قامت انظمة العالم في تنظيمها لحياة وعلاقات البشر على أسس تهدئة نسبية تعطي القوي نصيبه الأفضل والضعيف بما يسكته عن ثورته وأحياناً غضبه ! ان نظرة على حدود الدول وسياداتها تؤكد صحة ما ذهبت له من فعل تلك الأنظمة التي شرعنت في قوانين عالمية وقامت عليها مؤسسات ومنظمات دولية حتى وصل الأمر الى اصدار ما سمي بقوانين التحرير وقانون قيصر ! لتبيح وتشرعن لنفسها محاسبة الغير وجره الى المحاكم وانزال العقوبات به أو حتى مهاجمته واسقاطه كما أن حق الفيتو للأقوياء هو تعبير آخر عن فانون استحقاق القوة .


ولولا تقاطع مصالح الأقوياء لما بقي في الطبيعة سوى نفر قليل من الضعفاء الذين يحتاجهم الاقوياء لخدمتهم !! والأقوياء اليوم هم الأقوياء بالعلم والسلاح ومن لا يمتلكهما فعليه أن يرتضي لنفسه العيش في ذيل الركب . والعلم هو ليس علم الثرثرة أو المعرفة البائرة أو أكداس معلومات وإنما هو علم الجديد في معرفته والحاد في نصله ومضائه . ونحن العرب يجب نفهم أن هناك قانوناً لاستحقاق القوة وأن لا نغالط أنفسنا أو نضحك عليها أو حتى نخونها . عندما كانت لنا كلمة نحن العرب في حياة البشر كان لنا من العلم والسلاح ما حمل قانون استحقاق القوة على انصافنا وتعزيز دورنا البشري وعندما تخلفنا وضعف سلاحنا انحدرنا نجر اذيال الهزيمة المرة كما لم يتوان الآخرون في استغلال تراجعنا واستغلالنا ونهبنا . وهكذا علينا نحن العرب ألا نشغل أنفسنا في تباك ولطم على الخدود وتوسلات دون جدوى وألا نخدع أنفسنا ونغمض أعيننا ونروح نضرب أخماس بأسداس في حيرة وتساؤل عن أسباب ما حل بنا وعن عوامل ضعفنا . لكن الأمر من ذلك هو تناحرنا وخياناتنا لبعضنا وعمالتنا لمن أهاننا ونهب ثرواتنا وضياعنا في خرافات نبحث عن دواء في تعويذاتها .



تعليقات

أحدث أقدم