لم اكن اعلم اني ساكتب قصتي

مشاهدات

 


علاء آل شبيب 

لم اكن اعلم اني سأستطيع ان اكتب قصتي كذكريات يوماً لان الموت كان محتماً في ذلك اليوم الصعب . استلمت اجازتي الثامنة ليلاً كمأمورية الى بغداد وكنت في قاطع العمارة في البزرگان في سرية حماية الفرقة الاولى ( خلفيات الجبهة ) نصحوني ان انتظر للصباح فالطريق مليء بالذئاب ولكني قررت الذهاب .. وصلت الى الشارع العام مشياً فشعرت اني تورطت فلا توجد اي سيارات توصلني لمدينة العمارة ...

واذا بلوري ( ايڤا ) عسكري قادم في الطريق المعاكس فأوقفته وقلت له انا ذاهب لمدينة العمارة ومن هناك لبغداد .. فقال لي : اصعد معي فأنا ذاهب للخطوط الامامية للجبهة ولكني سأنزلك في الطريق فهناك ستحصل على سيارات لمدينة العمارة لتذهب من هناك الى بغداد صعدت في الخلف وعلى الفور نمت مستلقيا على بعض الافرشة في اللوري ... فتحت عيني على دربكة فاوقفت السائق فنظر الي مستعجباً وقال ياربي نسيتك ولم انزلك في الطريق !!!! فقلت له : اين انا واين سأذهب في هذا الظلام فوصف لي ان امشي في طريق وهناك سأجد سيارات . مع الاسف اراد فقط ان يتخلص مني سامحه الله !!!! بقيت امشي في ذلك الظلام وليس من نهاية !! اصوات الذئاب اصبحت تقترب مني اكثر واكثر . لم يكن معي سلاح واصوات الذئاب اصبحت كثيرة حولي . علمت انني فعلاً في مأزق كبير ... بدأت اشاهد في ظل القمر دبابات محترقة واليات لمعارك قديمة وهنا توقفت وعرفت انني ربما في ارض الحرام ( بين قواتنا العراقية والعدو الايراني ) وهنا لم يبقى امامي الا الله فدعيت منه اذا كان خلاصي ان اقع اسيرا بأيدي العدو فياربي دع الذئاب تأكلني . المشكلة انني كنت حائراً ماهو الاتجاه للعراق والاتجاه لايران !!! توكلت على الله وبقيت ماشياً فتولتني مجموعة من الكلاب السائبة المتوحشة اخذت تنبح علي بشدة ففرحت لان صوت الذئاب اختفى وماهي الا لحظات واذا بصوت قوي باللغة الفارسية فوقفت وقلت : لا افهم فارسي .. فتكلم بالعربي وقال : لا تتحرك .. من اين انت ؟ فقلت : الجيش العراقي الفرقة الاولى .. فقال : لا تتحرك وضع يداك خلف راسك فوصل الي واخذ يتفحصني فالتفت الى جماعته وقال : سيدي ليس معه سلاح وهنا اقتادني الى المجموعة ويبدوا انه كان كميناً عراقياً في مهمته فأخذوا يتكلمون معي فرويت لهم ماحدث لي .. فقالوا لي : انت محظوظ الطريق الذي اتيت منه مليء بالالغام لا نعرف كيف نجوت منه !!! سألوني عن اسمي : فقلت : اسمي علاء وبيتنا في حي المستنصرية في بغداد .. فقال احدهم : عرفتك !!! انت ابن منطقتي واصدقائك فلان وفلان وانت ابن فلان !!! قلت نعم من انت ؟ فقال ستعرفني عندما تشرق الشمس لتكون مفاجأة وهكذا وصلنا الى وحدتهم العسكرية .. فقال لي : هذا منامي وانت تعبان نم في منامي فقلت بالله عليك من انت ؟ فضحك وقال ستعرفني عندما تشرق الشمس !! .. فنمت بشكل سريع في العراء .. فتحت عيني صباحاً واذا بوجه سموح يعطيني قدح الشاي بالحليب مع البسكويت ويقول افطر .. فقلت له : هل انت الذي كلمتني في الظلام ؟ قال : لا ... فقلت : اين هو ؟ فقال : اخي اشرب الشاي بسرعة فهناك لوري الارزاق ذاهب للعمارة جعلناه ينتظرك لتذهب معهم فصعدت اللوري وبعد طريق طويل طويل وصلنا لمدينة العمارة ومن هناك حصلت على باصاً وذهبت لبغداد . لم التقي بالشخص الذي ساعدني وعرفني وبقي الشخص مبهماً لي الى يومنا هذا . عاش جيشنا العراقي الباسل البطل في عيده الاغر فكل واحد منا لديه قصص كثيرة في هذا الجيش العظيم اصبحت ذكريات هذا اليوم .

تعليقات

أحدث أقدم