بركان يوم الثلاثين من ديسمبر 2006

مشاهدات

 


د . محمود خالد المسافر

كان يوما صعبا جدا.. كانت الساعة السادسة صباحا بتوقيت ماليزيا وهي الساعة الثانية صباحا بتوقيت العراق . سمعنا تسريبات اعلامية تقول انهم سيعدمونه اليوم . العالم المسلم كله يتهيأ لصلاة عيد الاضحى . نسينا العيد وبقينا نفكر هل سيعدمونه أم لا . كثير منا قالوا لا لن يعدمونه وكأنهم يتشبثون له بحياة لا يريدها ولا يهتم بها وآخرون كانوا مقتنعين انهم سيعدمونه . مرت الساعات سريعة . جاء الخبر على العربية والجزيرة وكل قنوات الشماتة . تم اعدامه تم قتله ايها المتفاخرون به .

ماذا نقول هل نرد على القنوات ام على الشامتين ام على المجرمين . هل ننشغل بمتابعة دفن جثمانه . بعضهم قال هذا غير مهم . المهم أن نعرف أين ذاهب العراق بعد ذلك .. بعضهم قال هو العراق وقد اعدموه . بعضهم قال بل العراق باق والناس تموت . قليل قال العراق ولاد وكما ولده سيأتي بغيره وان الدنيا في حركة غير ثابتة وتدور وستأتي بمثله وبمن افضل منه افضل منه!

هل هناك من هو افضل منه تساءل بعضهم . نعم سبقه من هو افضل منه ولا بد لذلك أن يخلفه من هو افضل منه . اخلصوا النية في تحرير العراق ولا تجعلوا الإعدام يؤخركم عن تحرير الاعز وهو العراق تذكروا قيمه وامضوا في طريقكم ولا تتعثروا . قال بعضهم لقد فقدت البوصلة فقد كان بوصلتي كلما ضيعت الطريق . رفض بعضهم أن يكون لموته أثر على مقاومة المحتلين وما تعلمون أننا خسرنا الأمة بموته وليس العراق فحسب رد بعضهم . مرت الساعات ثقيلة وتجول الخبر بين الشبكات الإعلامية وتلاقفه الحزينون والشامتون والثابتون والمتلونون لكن الحقيقة الوحيدة أنه مات .

ابتعد عن دارنا القلقة إلى دار الخلود عند رب رحيم . مات صدام حسين وترك خلفه رجال لم يتهاونوا فيما كان يؤمن به . مات وخانه من خانه من انصاف الرجال ظنا منهم أنه لا يراهم . نسوا أن الله شاهد على بيعتهم له . مات وكان له أعداء منهم من اصبح اكثر شراسة في عدائه للعراق والأمة . ومنهم من انصفه بل وأحبه بعد موته . مات والشرفاء في العراق يفتقدونه اليوم حتى ممن كان لا يحبه أو لا يتفق معه . مات والسوريون يقولون ما كان يحدث لنا هذا اذا كان موجودا بيننا . ما كان لفيلق القدس الإيراني أو الحرس الثوري ليتجرؤا على احرار سوريا بوجوده . مات وبعض أمعات العرب هرول إلى أعدائه الصهاينة ليقبلوا مؤخراتهم النجسة . مات ليغامر ما يسمى بالحكام باغلى ما لدينا بعد بيت الله ومدينة رسوله وهي القدس الشريف . مات وبدلا من يرفع أبناء غزة صورته على أكتافهم عرفانا له لحبه لفلسطين رفع بعض المقيدين والمحكومين صورة جلاد المظلومين في العراق وسوريا كلب الفرس سليماني واسموه شهيد فلسطين .

مات وبعده استباح العالم ليبيا واليمن درتي اسيا وأفريقيا العربيتين . مات ولا زالت عيون الاحوازيين ترنو اليه . مات والثكالى في العراق لا زلن ينادينه . الفقراء لا يجدون من يطعمهم.. المظلومون لا يجدون من ينصفهم من الظالمين أبناء جلدتهم . مات وتحطم النظام التعليمي الذي جهد كثيرا من أجل أن يكون الافضل في العالم . مات وقد انتهت الصناعة والتصنيع العسكري وهو ما أفنى حياته من أجله وقد باتت رمادا . مات وكأن الزراعة كانت تسقى من نزاهته فما أن مات حتى ماتت الزراعة . مات وماتت الإنجازات التي كان يعرف بها العراق عظيما . أبناء المدن تم تهجيرهم وابناء الريف تم تجهليهم وتم تجريف القيم والأخلاق .

ما كان موتا ذاك بل كان بركانا جرف الاخضر واليابس . رحمه الله وغفر له وأخرج من أصلاب العرب من يعيد حقوقهم السليبة . تحية للثابتين الرائعين في العراق وسوريا وفلسطين وسائر الأرض العربية الشريفة ...

تعليقات

أحدث أقدم