المسنين والعجزة

مشاهدات

 



بلقيس البرزنجي

كلمة مُسِن في اللغة العربية تستخدم للدلالة على الرجل الكبير فيقال (اسنَّ ) الإنسان إذ كبر فهو سن ويقال عن الأنثى اسنة وللجمع مُسنات وتعتبر الشيخوخة حلقة من حلقات التاريخ وجزءاً لايتجزأ من وجود كل مجتمع أو جيل ويُعد التقدم في السن امتداد لعمر طويل أمضى فيها الإنسان حياة تسودها غالب الأحيان المخاطر والتضحيات . قال الله تعالى في كتابه الكريم (۞ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54 ) الآية الكريمة تدل على مرحلة الكبر التي يصاحبها ضعف إذ يتعرض الإنسان لمجموعة من التغيرات في حياته منذ ولادته إلى مماته .

أقر ديننا الحنيف التكافل المعيشي من التزام وتعاون وتلاحم وتضامن بين كافة هيئات الأمة وقد كان للمسنين دورا بارزا في التشريع والفكر الإسلامي ولكن نتيجة لابتعاد بعض الأفراد والمجتمعات عن هدي القرآن والسنة وفي ضل حصول تغيرات اجتماعية ظهرت دار ( العجزة ) التي يُقيم بين جدرانها أشخاص غدرت بهم صحتهم فلم يجدوا مسكنا ولا ملجأ ولا مقرا إلا هذا المكان الذي منحهم بعض من الدفء والاهتمام ... وهذا يشير على وجود مشكلة اجتماعية وثقافية في مجتمعنا لأنه نشأ على على توقير الصغير للكبير ورحمة القوي للضعيف وهناك عدة أسباب لظهور دار المُسنين :

1 : تفكك أواصر المحبة

2 : نكران الجميل بعد عناء الأبوين في تربية أولادهم

3 : الابتعاد عن التمسك بالدين الذي هو قبس الوحي ونور النبوة

الانسان الكبير في نظر الكثيرين شخصا غير مرغوب فيه وعاجزا لم يعد يجلب نفعا أو شرا ولم يعودوا بحاجة الى خبرته ولايستحق التبجيل والتوقير والاحترام بل التجاهل وتركه يعاني ويقاسي الألم والوحدة والعزلة ويعود ذلك الى :

انحلال أخلاق المجتمع إذ ليس هناك إلا القلة القليلة ممن يكنزون لأنفسهم الى يوم القيامة والشعور بالحرية وأنه يجب أن ينعزل ويستقيل عن عائلته بدل أن تتكون الأسرة من جد وجدة والأولاد والاحفاد وتتفكك إلى أم واب وأبناء فقط . وهنا ينعدم بر الوالدين والتأخي والتعاون والتكامل وانتشارها وهذا دليل على أن بواعث الرحمة قد تلاشت في مجتمعاتنا ...

يجب أن نتذكر قبل كل شيء أن كبار السن فقدوا والديهم وأصدقائهم فقلوبهم جريحة ونفوسهم منطوية على الكثير من الأحزان وهُم يحتاجون لمن يسمع حديثهم وهم بركة المنزل ولهذا علينا اظهار بعض المهام التي يستطيعون أدائها ولاتحتاج إلى قوة بدنية إذ لايصح حجب الاعمال عن الكبير وهذا مايسمى بالرعاية الإنسانية والمساعدة المادية .

وفي نهاية المطاف اجعلهم يعيشون أياما سعيدة وليالي مشرقة ويختمون كتاب حياتهم بصفحات ماتعة من البر حتى إذا خلا منهم البيت لاتصبح انت من النادمين لانهم سيرحلون وتكبر انت يوما فراقب زرعك لأنك سوف تحصده واحرص على معرفة المعلومات الكافية حول تلك المرحلة العمرية ومشكلاتها واشرك أبنائك في رعايتهم مما يتيح لك قدرا من الراحة ولهم التفاعل كما يعلمهم ذلك الكثير عن الأسرة والتكامل بين أفرادها والحرص على دفئ العائلة واكمالها بأجدادنا وجداتنا .

تعليقات

أحدث أقدم