نحو نهضةٍ عربيّة ثقافيّةٍ جديدة.. منبر أدباء بلاد الشّام "أنموذجاً"

مشاهدات



د. إياس الخطيب


لطالما كان الأدب مرآة الأمم، وانعكاس لنتاجها الحضاري، والثقافي، والمعرفي، والمعبّر عن رؤى وطموحات وتوجهّات أفراد مجتمعٍ ما، ولطالما وُجدَ في الأديب، شاعراً كان أم قاصّاً أم روائياً أم مسرحياً أو فنّاناً تشكيليًاً صوتاً معبّراً عن هواجس شعبٍ بأكمله، أو فئة منه، وإن كان الأدب الحقيقي عادةً أدباً يلبسُ لباسَ الإنسانيّة جمعاء، وباستطاعته التعبير عن طموحات وآمال وآلام الإنسان.. الإنسان، أينما كان.. وفي كلّ زمان.. وهذا ما جعل العربي يقرأ الأدب الغربي، والغربي يصول ويجول في بحور الأدب العربي، وقد أفردْت قبل ذلك مقالاً عن ذلك، تحت عنوان: "الأدب العربي وتأثيره في الأدب الرّوسي".. وهذا فقط نموذجٌ من نماذجٍ كثيرة تدلّل على تلاقح الثقافات، وتأثير الثقافات المختلفة بعضها ببعض، وقد أشرْتُ حينها إلى إعجاب الكاتب الرّوسي الشّهير تولستوي برجالات العرب وزهدهم ووعيهم والرحمة التي نزلت على قلوبهم، والتكافل الإجتماعي فيما بينهم، كذلك أشرْتُ إلى تأثر الشّاعر الروسي الكبير بوشكين بالأدب العربي، والثقافة العربية، ولاسيما بألف ليلة وليلة، في قصّته الشّعريّة (رسلان ولودميلّا). والكثير من الأمثلة، وقد أفردْتُ الآن هذين المثالين على سبيل المثال لا الحصر. ولن أغوص الآن كذلك في مسألة عمليّة الترجمة، وما الذي أسهمت به، وأين نحن الآن من هذه العمليّة، فالحديث عن ذلك يطول.. إلّا أنّني بقصد تسليط الضّوء على مسألة الرّوابط والجمعيّات الأدبيّة العربيّة، وكيفيّة إحياء واستنهاض هذه المسألة الملحّة من جديد، الملحّة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وسأعلّلُ ذلكَ خلالَ السّطور القادمة! 

لا شك بأنَّ الحالة الثقافية لأمّةٍ معيّنة، تمرُّ كغيرها من جوانب المجتمع المختلفة من الإزدهارٍ والإنكسار، من التطوّر والإنفتاح إلى الإنحسار، ثمّ العودة إلى الواجهة مجدّداً، من حالة مستقرّة إلى حالةٍ تعمّها الفوضى، كجوانب المجتمع المتعدّدة: الإقتصاديّة منها، والسّياسيّة، والإجتماعيّة وغيرها.. ولا شك بأنَّ ذلك يرتبط ويستتبع بشكلٍ مباشر أو غير مباشر حالة الأمّة ككل، وتطوّرها.. من عدمِه. فالأمّة المستقرّة، تشكّل بتفوقها هذا بساطاً ممهّداً أمامَ الحالة الثقافية، وأمامَ شعرائها، وأدبائها، ومثقفيها، وروائيّها، وقاصّيها، وفنّانيها ليتصدّروا الواجهة، ويطلّوا على الآخر بمنتجهم الأدبي والثقافي، ولو كانت هذه الأمّة قابعة في أقصى المعمورة، خاصّة في زمننا هذا، الذي انتفت فيه عمليّاً المسافات، بوجود منصّاتٍ تتيح للآخر الإطلاع على ثقافات الأمم، وما تنتجُه من أدبٍ وعلمٍ وفن وهو جالسٌ في مكانه.. إذاً العامل الفارق في هذا المنحى، هو مدى تطوّر الدّولة وتقدّمها في مجتمعٍ دولي، أضحى اليوم عبارة عن قريةٍ صغيرة. 

ولكي أوضّح أكثر، فأنا أقصد هنا بأنَّ الدّولة، أو الأمّة المتطوّرة والمتقدّمة تتيح بنسبةٍ أكبر لكتابها وأدبائها الإنفتاح على الآخر (وتسويقَ نفسِه)، ولا أقصد بأنَّ الكاتب يستطيع الإبداع فقط في ظلِّ مجتمعٍ يعمُّ بالرّخاء.. وهذان موضوعان منفصلان تماماً، ولن أغوصَ في كلٍّ منهما، لكنّي أستطيعُ أن أدلّلَ على ذلك من خلال أدب الحروب، وما أنتجَ من أدب خلال فتراتٍ من الحروب والفوضى مرّتْ بها دولٌ ومجتمعات، وما خطّته أنامل الأدباء والفنّانين والكتّاب من شعرٍ ونثرٍ وفنٍّ تشكيلي وغير ذلك من أنواع الفنون.. ولكي أكون أكثرَ وضوحاً، فتعالوا معي لنطرحَ على أنفسنا هذا السّؤال: أينَ نحنَ من كلِّ ذلك؟!

أينَ نحنُ من كلِّ ذلك؟ 

في يومٍ ما (وهنا لا أقصُّ قصّةً، بل أذكر حقائق) وتحديداً ابتداءً منذ القرن الثامن ميلادي إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي –ثمانية قرون- اشتغل فيها علماءُ العرب بالعلوم الإنسانيّة، والعلوم الطبيعيّة، والعلوم الطبيّة والرّياضيّة، وسائر المعارف، ناهيك عن الآداب والفنون. فكانت المحصّلة تراثاً عربيّاً ضخماً، ومكتبات حوت آلاف المخطوطات والمجلّدات، نذكر منها –على سبيل التمثيل لا الحصر- مكتبة قرطبة في الأندلس أيّام المستنصر، وقد قيل أنّها كانت تضمُّ أربعمائة ألف مجلّد عن طريق وكلائه في شتى الأقطار الإسلاميّة حينها، وكانت (دار العلم) التي أنشأها الفاطميّون، في مصر، من أعظم الخزائن التي عرفها العالم، وأكثرها جمعاً للكتب النفيسة من جميع العلوم. لكم أن تتصوّروا كم كانت خزائن (دار الحكمة) التي أنشأها الخليفة العبّاسي المنصور، في بغداد، تضم من مؤلّفات. هذا سوى الخزائن والمكتبات العامّة والخاصّة التي لا عدَّ لها ولا حصر.. إلّا أنَّ عاديات الزّمن، وسقوط بغداد في أيدي التتار، وحرب الإسترداد في الأندلس.. كانت كلّها نذيرَ شؤومٍ للتراث الّذي خلّفه الأقدمون. لقد روي أنَّ مياهَ دجلة جرتْ سوداء من كثرة ما ألقيَ فيها من الكتب والصّحائف، وبأمر من الكاردينال (فرنسيسكو)، عرّاف الملكة (إيزابيل) فاتحة غرناطة، أحرقت آلاف الكتب العربيّة، لا سيما ما كانَ متصلاً منها بالأدب أو الفكر أو الدّين. وأكثر الباحثين حذراً وعطفاً على الكاردينال يقدّرونها بثمانينَ ألفاً.. 

وما أفلتَ من عاديات الزّمن، وتوفرت عنه أو منه بعض معلومات موثقة، يشغل في يومنا هذا مكاناً يتفاوتُ ضخامةً وضآلةً في مكتبات العالم الكبرى، من مكتبة الأسكوريال، إلى المكتبة العامّة في مدينة (آلما آتا)، كازاخستان، وإلى مكتبة الجامعة الكاثولكيّة الأمريكيّة في واشنطن، إلى مئاتِ المكتبات العامّة والخاصّة..

إنتصار الأمم يستدعي بالضّرورة انتشارَ ثقافتها ولغتها كذلك، ففي يومٍ ما سادَت اللّغة اليونانيّة وثقافتها العالم، وسادت اللّغة العربيّة والأدب العربي خلالَ فترةٍ من الزّمن كانت تغوصُ أوروبّا فيه حينها في بحورٍ من الجهل (وقد أكد علماء الغرب المنصفون أن الأوربيين تناولوا مشعل العلم من أيدى العرب حين اتصلوا بهم واطلعوا على حضارتهم، فاستضاؤوا بعد ظلمة، وبلغوا به بعد ذلك ما بلغوه من هذا التقدم العلمي العظيم الذي يعيشون فيه اليوم، ولولا هذا الاطلاع وهذا الاحتكاك لظلت أوربا، ربما لقرون عديدة أخرى تعيش في الظلام والجهالة التي رانت عليها في العصور الوسطى. وقد أجمل المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب (1) تأثير حضارة العرب في الغرب وأرجع فضل حضارة أوربا الغربية إليها وقال: إن تأثير هذه الحضارة بتعاليمها العلمية والأدبية والأخلاقية عظيم ولا يتأتى للمرء معرفة التأثير العظيم الذي أثره العرب في الغرب إلّا إذا تصوَّرَ حالة أوروبا في الزَّمن الذي دخلت فيه الحضارة. وأضاف لوبون: بأنَّ عهد الجهالة قد طالَ في أوروبا العصور الوسطى، وأنَّ بعض العقول المستنيرة فيها لمَّا شعرت بالحاجة إلى نفض الجهالة عنها، طرقت أبواب العرب يستهدونهم ما يحتاجون إليه لأنهم كانوا وحدهم سادة العلم في ذلك العهد(.

واليوم في ظل التفوق الغربي التكنلوجي والمعرفي، نرى أوروبّا وأمريكا يغزوان العالم بلغتهما الإنكليزيّة وتقنيّاتهما التكنلوجيّا التقدّمية الجرّارة، ويُقال: لو انتصرت إلمانيا في الحرب العالميّة الثانية، لغزت اللغة الألمانيّة أصقاعاً شاسعة من هذه المعمورة..

وبالتوازي مع ذلك، دخل العرب في حالةٍ من السّبات، جرّت معها نتائج كارثيّة على جميع المستويات، ولن أدخل هنا في لغة الأرقام (الكارثيّة بالمعنى الحقيقي للكلمة)، لكن أقول بأّنَّ جميعَ الإحصائيّات والأرقام، تشير إلى تراجع النّاتج العربي بجميع أوجهه، فتصنيف الجامعات العربيّة طارَ.. ولكن إلى الخلف متراجعاً، وحركة الترجمة العربيّة قلّت إلى الحد الأدنى (مقارنة بما يترجمُه وينتجه الغرب)، والكثير من دور الترجمة، والتي صالت في يومٍ وجالت وحققتْ حضوراً مميّزاً اندثرت وتوقفت عجلتها عن الدّوران، والبحوث العربيّة تكاد تكون معدومة أمامَ الناتج العالمي للبحوث والدّراسات العالميّة، وما ودَدْتُ الإشارة إلى أنّ البريطاني يقرأ في السّنة 11 كتاباً، والأمريكي 9 كتب، والعربي ربع صفحة.. فهذه إحصائيّة أضحَتْ معلومةً عندَ الكثيرين. 

في ظلِّ مجتمعٍ حاليٍّ متحوّلٍ ومتغيّر نعيشُه اليوم، حيث ستنتقلُ فيه عوامل القوى من مجتمعٍ –غربيٍّ أمريكيٍّ- صرف مهيمن منذ أربعينيّات القرن الماضي، إلى نظامٍ عالميٍّ جديد، سيبرزُ فيه دورُ قوىً ودولٍ جديدة، وسيأفلُ نجمُ دولٍ سادَتْ زمناً، نجدُ أنفسَنا أمامَ تحدٍّ وفرصةٍ جديدةٍ للنهوض، فبقدر ما سنسهمُ برسم معالمِ العالم الجديد القادم، خاصّة خلالَ السّنوات الخمس القادمة 2020-2025م بقدرِ ما سيكون لنا وزنٌ في ظلِّ النّظام الّذي بدأ بخطِّ ملامحِه للتو. 

ولكي لا أتشعبُ في هذا الحديث الآن، حيث سيأخذني الاستطرادُ في الكلامِ عن هذا الموضوع إلى الدّخول في الحالة السّياسيّة والإقتصاديّة للدّول والتي قادتنا وتقودُنا إلى الولوج في نظامٍ عالميٍّ جديد، فسأتركُ الكلام عن هذا جانباً (ربّما في مقالة منفصلة سأتكلّم عن ذلك)، وسأبقى ضمن الحالة الثقافية المنشودة في القادم من الأيّام، والنّهضة العربيّة الأدبيّة المنتظرة، والدّور الملقى على الأدباء في هذه الفترة المفصليّة في تاريخ الشّعوب (ربّما إذا كنّا لاندرك هذا الآن، فإنّنا حتماً سنتذكّر ذلك وندركه بعد مرورِ القليلِ من الأعوام)، ولهذا فالدّور الملقى على المثقف والأديب كبيراً، وهو القادر على استقراء الواقع، واستشرافه، والنظر إلى الأمام، وهذا ما قادَني في بداية الحديث وكتابة هذه السّطور، إلى التطرّق إلى ظاهرة الرّوابط الأدبيّة العربيّة، التي يجب أن تبزغ اليوم وأن تعودَ إلى الواجهة أكثر من أيّ يومٍ مضى، كي يرى الأدباء والمثقفون أنفسهم في قادم الأيّام هم الّذين يمارسون دورَ القيادةِ والقرارِ في المجتمع، وكما يُقال: لا يوجد هناك فرصة عظيمة، يوجد فرصة عاديّة، تستغلّها، فتصبح عظيمة. 

منبر أدباء بلاد الشّام "أنموذجاً"!

لفتني هذا المنبر فبي الفترة الأخيرة لعدّة عوامل: 

أوّلها، توقيت ظهوره، فنحن الآن، وأمامَ تشتّتٍ عربيٍّ واضح، أحوج ما نكون لروابطٍ ومنابرٍ عربيّة، تشكّلُ صوتاً، وصوتاً غير مبحوح، لأقلام لا بدّ لها من الظّهور، والتعبير.. وهو في حدّ ذاته حركة ثقافيّة، تسهم ولو بجزءٍ بسيط (وهذا الجزء لن يكونَ بسيطاً، خاصّةً إذا تظافرتِ الجهود، وتوحّدتِ الكلمة، وحثَّ على ظهورِ روابط أدبيّة رديفة، تخلق المنافسة التي نحتاجُ إليها)، هذه المنابر ستشكّل مع قادم الأيّام بصمةً في تاريخ الأدب العربي، وهنا لا نبالغ، خاصّةً إذا ما نظرنا إلى الرّوابط العربيّة ذائعة الصّيت، ونظرنا كيفَ كان تأسيسُها.. جميع المشاريع الكبرى تولدُ عبارةً عن فكرة، وتأخذ بالتوسّع والإزدهار، إذا ما قُيّضَ لها ذلك، وانشغلَ عليها بالشّكل الصّحيح.. وهنا أتحدّثُ عن "منبر أدباء بلاد الشّام" كنموذج.. ونموذج قابلٌ للتوسّع والتجدّد والإزدهار، مع يقيني بأنَّ هناك الكثير ربّما من المنابر والرّوابط التي تعمل في نفس المضمار، والتي من المحتمل أنّها رأت النّور، أو سترى النّور في القادم من الأيّام.. ونحن بأمسّ الحاجة إلى مثل هذه المشاركة، والمنافسة، والتي أستطيع القول بأنّها منافسة تكامليّة.. تخدم الأدب العربي، والنّهضة الثقافيّة الأدبيّة العربيّة.

ثانيها، شموليّة المنبر، والذي نستمعُ من خلاله إلى أصواتِ أقلامٍ تنتمي إلى مختلف الدّول العربيّة، من شعرٍ ونثرٍ وقصّة ومقالاتٍ نقديّة وإضاءاتٍ على كتبٍ تستحقُّ بكل تأكيد القراءة. وهو فرصة ليشكل بوجودِه مركزاً للأبحاث والدّراسات الأدبيّة التي تغني وترفد المكتبة العربيّة، والحركة الثقافيّة في المجمل. 

الرّوابط العربيّة التي نشأت سابقاً، استتبعتْ بالضّرورة بعدَ ذلك إصدار صحفٍ خاصّةٍ بها، وإقامة المؤتمرات السّنويّة التي كانت فرصةً للإطّلاع على الحركة الأدبيّة العربيّة، وما آلت إليه، ومحاولة تجديدها وتطويرِها.. كل ذلك نأمل أن يتجدّد من خلال هذه المنابر، التي يجب أن تتحلّى بكامل المسؤوليّة، وتدرك حجم المسؤوليّة الملقاة عليها. 

لكلِّ شيء كي يكبر، ويثمر، لا بدَّ له من زمنٍ يصقلُه، ويكسبُه الخبرة، ومن إرادةٍ تكمن في عقول وقلوب القائمين عليه، ومن إصرارٍ على تحقيق ما يصبو إليه منجزو العمل.. 

إضاءة لا بدّ منها! 

كل ذلك جعلني أستذكرُ أهمَّ الرّوابط الأدبيّة التي تشكّلت في عالمنا العربي، منها الرّابطة القلميّة، فمنذ الربع الأول من القرن العشرين شهدت الثقافة العربية ولادة الروابط الأدبية، أولاً مع “الرابطة القلمية” التي تأسست في نيويورك رسمياً سنة 1920، على إثر جلسات في بيت كل من عبدا لمسيح حدّاد (صحافي كان يصدر صحيفة “السائح”) وجبران خليل جبران، وضمت الاجتماعات كلاً من: جبران، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة، رشيد أيوب، عبدالمسيح حداد، ندرة حداد، إلياس عطا الله، وليم كاتسفليس، وميخائيل نعيمة، وحسب الأخير في مذكراته فإن محضر التأسيس دوِّن بقلمه.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن نشوء “الرابطة القلمية” استدعى ولادة منابر أدبية وثقافية منها مجلة “الفنون” وناشرها نسيب عريضة، جريدة “السائح” وناشرها عبدالمسيح حداد، ومجلة “السمير” وناشرها إيليا أبو ماضي. والحال ينطبق على جماعة أبولو التي تشكلت في القاهرة سنة 1932، وهي جماعة شعرية رومانتيكية كان لسان حالها مجلة “أبولو” ومؤسسها هو الشاعر أحمد زكي أبو شادي وضمت أعلاما مصريين وعرباً من أمثال إبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، وأبي القاسم الشابي، وآخرين.

بعد عام واحد من نشوء جماعة أبولو تأسست “العصبة الأندلسية” في مدينة ساو باولو بالبرازيل على يدي الشاعر اللبناني المهاجر ميشيل نعمان وشفيق معلوف، وعاشت زمنا أطول من رابطة جبران، وقد ترأسها بعد رحيل مؤسسها الشاعر القروي رشيد سليم الخوري وذلك بدءاً من سنة 1958. وكان من بين أبرز أعضائها الشعراء فوزي والمعلوف وإلياس فرحات.

مع منتصف القرن الماضي توقف تأسيس العصب والجمعيات الأدبية في المهجر وكان آخرها جمعية “النادي الفينيقي” التي أسسها عقل الجر، وكان من بين أعضائها ميشيل معلوف.

لعب أدباء المهجر بانفتاحهم على تجارب الثقافات الأميركية دوراً أساسيا في إلهام الأدباء العرب تأسيس الجمعيات والنوادي الأدبية. وسوف يشهد العالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين قيام عشرات الجمعيات والنوادي والجماعات الأدبية من دمشق إلى صنعاء ومن القاهرة إلى الدار البيضاء ومن بغداد إلى بيروت. ومما لا شك فيه أن هذه الجمعيات التي جمعت أدباء متعددي الاتجاهات الفكرية والمشارب الأدبية والسياسية، لعبت أدوارا بالغة الأهمية في نهضة الأدب العربي.

نأمل أن نكونَ أمامَ نهضةٍ عربيّة ثقافيّةٍ جديدةٍ.. ومتجدّدة.. تساهم في قيادة المجتمعات إلى أماكنَ مضيئةٍ بالرّقي.. والإنفتاح.. والحضارة!

المراجع: 

مقالة: ولادة الجمعيات والروابط الأدبية العربية وموتها. نوري الجرّاح.

كتاب: قصّة الأدب العربي. د. خالد يوسف. 

كتاب: الأدب العربي عبر العصور. هدى التميمي. 

مقالة: الثقافة العربيّة وأثرها في الحضارة. محمود الشّرقاوي.


تعليقات

أحدث أقدم