كلمة واحدة

مشاهدات



صبا مطر


لم تعد الأيام ترضى بالكثير من التسامح بعدما أُصيبتْ مؤخرا بداء النضج القاتل .. تغيرت الأمكنة وزحفت الدنيا إلى أطراف باردة وشبه فارغة. لا شيء يشبه نفسه في مواقعنا الجديدة باستثناء قصص عتيقة تتعلق في افئدتها أرواحٌ لما تزل مفتونة بالحياة واللون .


لا شيء يلوح في الأفق غير نافذة من خشب عتيق تطل منها الأحلام دون أن ترتجف من ثقل الحقيقة ..


كانت أغنيات الحب تنمو في عمق غابة كثيفة.. مثل زهرة برية تنتعش الحياة في عروقها بفعل الظلال والوحدة.


تتذكر بأن لا شيء مهم قد حدث باستثناء كتابتها لرسالة من كلمة واحدة!

أودعتها بين ضفتي كتاب مجهول العنوان وضعته حيث يضع ساعته اليدوية كلما أسعفه الوقت لخوض تجارب جديدة . كانت وحيدة.. تراقب من بعيد  ما ستنتجه الحكمة وحفنة من التجارب العابرة..


التقط وقته المتروك على المنضدة وترك الكتاب ومضى  دون أن يرهقه ثقل ما . لم يخب ظنها قط فهي تعرف بأن ما كتبته ليس على قدرٍ كبير من الأهمية .. صارت الأغنيات مع الوقت أقصر . وصارت تظّل الطريق تدريجياً إلى الحكايات   الجديدة..

لا شيء حدث سوى البعد المشفوع  بسوء طالع التجربة ..

وعند ذلك الحد خلع الرجل وقته وهو يحدق في فراغ مؤلم..

لا شيء ينتظره على قارعة طريق موحش..

لا وقت ولا كتاب.. لا وجه أو حتى حكاية..


هذه المرة طافت الدنيا على أوقات مرّة وتغيرت لأجل ذلك الفصول. والرسالة مازالت هناك، في قعر كتاب مسحور. لم يقرأها أحد غيرها.


قال لها بعد أن وجدته معلقاً في لحظة هاربة من التقويم " ما زلتُ أتذكر الرسالة.. تلك التي كتبتها ووضعتها بين دفتي كتاب اضعته وأنا في طريقي إلى حب جديد لم يصمد طويلاً بوجه العواصف".


ضحكت بقوة وقالت " لا بأس عليك.. فالكثير من الرسائل عصية على القراءة فما بالك بالفهم!"..


هو يعرف بأن شيئاً ما مرسوماً بلغة طلسمية لا يفك شفرتها غير العارفين بروح البوح المقلوب..


وهي تعرف بأن الوقت قد أحرق الحكاية...


والكتاب هناك.. وحده ينتظر في مكان ما من هذا العالم الواسع . تواصل صفحاته القديمة تنفُس عبق رسالة طلسمية حرفاً إثْر حرف دون أن يموت المعنى.. إذ لا شيء يبقى غير كلمة كان لها أن تغّير مسار حكاية!

تعليقات

أحدث أقدم