مشاهدات
علي السوداني
قيلَ أنّهُ خرَجَ عندَ أولِ بيبان الليل
قالَ واحدٌ منهم : إنَّهُ الفراق
قالوا : هو يمَّمَ وجهَهُ المضيء صوبَ البابِ الشرقيِّ من بغداد العليلة
تضارَبَتْ وتناطحَتْ الأنباء ، وذهبت الناس مذهب الشك والبلبلة
كانَ بعضُ ظنِّهم ظنَّاً
منهُ أنَّهُ ركبَ « تُك تُك «
ومنهُ أنّهُ كانَ على ظهرِ فرسٍ بلقاءَ سوداء مبرقعة حائرة
رأتِ الناسُ أُمَّهُ وهي تطشُّ طاسةَ ماءٍ بدربِهِ
قالت شهودٌ منهم : إنَّ الفتى قد ارتقى برجَ بابل الثانيَ
لباسُهُ بدلةُ عرسٍ لم يحدث بعدُ
زادَ آخرونَ أنهم شاهدوا غيمةً سماويّةً تغنّي
كانَ الولدُ الغضُّ الوسيمُ قد اختفى
في ليلةٍ زانها قمرٌ قائمٌ على حال بدر
يشبهُ وجهَ حبيبةٍ ناعسة
ربما كان رغيف خبزٍ هائلٍ
نامَ الصحبُ فوق سطحِ البرج
أو طار النومُ من عيونهم
أو رأوا كما يرى الحالمُ بين برزخين
صورةَ الفتى وقد أكلتْ ربعَ البدر
تهامسوا همساً والعسسُ نائمون
مثلَ ندامى يتناوحون على أوشال الكؤوس
شاهدَهُم الولدُ من علّيّين
دائرةً مغلقةً تتصوَّف وتغنّي
قال : اركبوا معي يا بعضيَ على الأرض
قالوا : لم نتْمِم بعدُ شرطَ الجنة .
في نبأ يقينٍ غيرِ مجروح
شوهدَت الأُمُّ مغرِباً دامياً
وهي تشعلُ شموعَ العودةِ
تحت ظلِّ طابوقٍ معتَّقٍ عاطرٍ رحيمٍ
تسَمّيه البغادَّةُ « خضر الياس «
كأنّهُ بابُ حوائجٍ مُبين .
** مهداة الى شهداء وكرماء ونبلاء ثورة الأول من تشرين الأول من سنة الأحزان والأفراح العراقية تسع عشرة فوق الألفين .
إرسال تعليق