دبلوماسية : ممر اجباري

مشاهدات

 


ضرغام الدباغ

هذه من المصطلحات العسكرية وهي تعني أن الجبهة تضم فيما تضم ما يطلق عليه بالممر الإجباري وهو يشير إلى ممر تحتم سلوكه طبوغرافية المنطقة (طبيعة تضاريس الأرض) كأن يكون ممراً بين جبلين أو هضبتين لا تتيح مجالاً لحركة الآليات (مركبات ومدرعات) إلا عبر هذا الممر. وغالباً ما يكون ممراً ضيقاً . أو ممراً برياً بين مسطحات مائية ومستنقعات أو ممراً يعبر غابة كثيفة وأحراش وأدغال أو أية موانع مماثلة.

وهنا ينبغي على القطعات المدافعة استغلال هذا الموقف فتقيم خططها (وهناك الكثير من الخيارات من بينها خيارات هندسية) على استغلال حتمية عبور العدو هذا الممر الإجباري بوسائل كثيرة هندسية منها مثلاً عمل ملغمة (زرع كميات كبيرة من المواد المتفجرة تقطع الطريق على قطعات العدو خلال مروره وتعيق السير وتوقع به خسائر كبيرة وقد تغير من طبيعة الممر) وغيرها (غلق الممر بنيران المدفعية بأصنافها) وقطعات متحصنة بصورة جيدة (منعات) وقد تنجح (إن كانت إجراءاتها جيدة) أن توقع بالعدو خسائر كبيرة ربما ترغمه على العدول وإفشال هجومه.

ما أريد شرحه هنا أن مثل هذا الموقف (بمغزاه) يمكن استخدامه سياسياً. فعندما تكون في موقف محصن مدعوم وخصمك يهاجم بقلة تبصر تحاول أنت بالجسم السياسي للدولة (الوسائل السياسية والدبلوماسية) أن تتحصن وتعزز موقفك مما سيضطر العدو لأتخاذ موقف ينطوي على خطورة وهنا عليك أن تشجعه على التهور ليرتكب عملاً يضعف موقفه السياسي مما سيضطره لتقديم تنازلات.

سياسياً من شروط الممر الإجباري هو وجود كادر سياسي ذكي يميل إلى التفكير العلمي وحسابات الموقف بكافة احتمالاته له قدرة التنظير والرؤية البعيدة الغور وجهاز سياسي منضبط وكفوء قادر على ترجمة الأفكار والخطط إلى واقع عملي بسلاسة ومرونة. والسياسي الذكي هو من يربح مواقفا كبيرة دون استخدام القوة (القوات المسلحة) بل وحتى عدم اللجوء إلى لغة التهديد.

تعليقات

أحدث أقدم