كل عام ..وتشرين العراق وثوارها ..بالف خير..

مشاهدات



ثائرة اكرم العكيدي 


هاهي ثورة تشرين تقترب من ايقاد شمعتها الاولى وقد  أكملت عامها الأول والأسئلة التي حاولت النخب طرحها لا زالت مهمشة ومرفوضة لأن الاحتفال بالميلاد الأول للثورة يتطلب نفس الخطة من عدم تشتيت الحماس واغلاق فم النقد حفاظا على عمر الوليد وعدم اجهاضه في مهده، لكن الثورة الوليدة الآن خارج مهدها الأول.

هذه هي آهات الصارخة التي انبعثت من رحمك الذي حارب العقم لسنوات وظل الأنين والوجع ١٧ عشرة عاما حتى افرجها الله كما افرجها على نبيه زكريا  وبشرنا بولادة الثورة واكتملت جنينها  وخرج الشعب في كل الميادين يحتفلون بمولدك الكريم فرحين مهللين بوصولك بالسلامة رغم الدماء التي أغرقت الأرض ولكن كله كان يهون في سبيل تحقيق إرادة شعب، هلل لك الكثيرون واختلف عليك البعض، ومنهم من تبرأ منك ومنهم من نسب شرعيتك له.لكن تبقى الثورة هي ارادة الشعب العراقي الكادح الفقير الشيخ والشاب والمرأة والطفل جميعهم عانوا من مخاض الولادة .

لقد مرت السنة الأولى على ثورة الفقراء بابتسامة في الوجه، ودموع لم تجف بعد، ويقين لا يهتز بغد أفضل فبعد خروج ملايين المواطنين العراقيين  إلى الساحات والشوارع  وسقوط شهداء في مختلف المحافظات ورغم طعن الثوار والمتظاهرين والتشكيك بهم من قبل بعض المرتزقه واتهامهم بالجوكرية وغير ذلك لكن ثورتهم كتبت بدماء شهدائها مواقف  تاريخية حاسمة، وانتصارا كبيرا السنة الأولى لها لم تكن أفراحا وأحلاما ثورية تعانق السماء فقط، بل كانت سنة سقطت فيها الدماء بغزارة إذ شهد المتظاهرون أحداث عنف ومواجهات، جرى فيها إطلاق النار على المتظاهرين مما أدى إلى سقوط واستشهادهم 

ما ميز ثورة اكتوبر العراقية عن غيرها من الثورات المباركة هي المفاجئات التي أظهرتها للعالم أجمع وأجمل تلك المفاجئات صبر أهل شبابها  والإيمان على كل ما تعرضوا له من قتل وخطف  وتعذيب وترهيب من قبل الاحزاب والمليشيات الذين ارتكبوا افضع الجرائم بحق شعب قرر التخلص من ظالمه سلمياً .

لقد أبدع المتظاهرون في ثورتهم ورفعوا شعار السلمية عالياً وقدموا الغالي والنفيس من أجل ذلك الشعار وتوكلوا على الله رغم التهديدات وتوعدات واستغلال بعض السياسيين المهمشين طيبة وسلمية الثوار من أبناء شعب فاسرفت بعض الجهات التابعة للمليشيات واحزاب واجندات خارجية الى الخطف والقتل وزرع الفته في ساحات المظاهرات وكانوا بذلك يريدون استفزازهم وجرهم إلى المواجهة كي يقتل بعضهم بعضا ويفرغ ثورتهم من مضمونها ويحرفها عن مسارها مسار البناء والتنمية والمواطنة المتساوية إلى الحرب والخراب وتدمير المعبد على الجميع لكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

وكافح المتظاهرون الذين نصبوا خيامهم في وسط الساحات الرئيسية في بغداد والمحافظات الجنوبية منذ شهر تشرين الأول الماضي ٢٠١٢ من أجل سلمية حراكهم ورفع مطالب كبيرة تتعلق بالنظام السياسي والحكومة وإقرار قوانين تتعلق بالانتخابات والأحزاب وحمل السلاح، وغيرها من القوانين التي لها تماس وتأثير مباشر بحياة الناس. فصمدو امام برد الشتاء وحرارة الصيف القاسية ومع تفشي وباء كورونا لم يحبط من عزيمتهم قيد شعرة فلقد تحولت العيادات الميدانية التي كانت جهزت بالمعدات الطبية والأدوية منذ أشهر لعلاج المتظاهرين الذين يصابون بالرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع، إلى مراكز لتوزيع سوائل التنظيف المطهرة والنصائح فالفيروس الحقيقي هو السياسيون العراقيون ذوي السلطة الاستبدادية المجرمة والوباء هي تلك الاحزاب والمليشيات الحادقة المتطرفه  التي حكمت العراق بيد من حديد فكانت تعمل لمصالحها الشخصية ولصالح اجندات ودول خارجية .

العراق  العظيم أصبح بلا هوية وطنية جامعة موحدة وإنما فسيفساء من الانتماءات الطائفيّة المتناحرة حيث الولاء المطلق للطوائف وليس للوطن الأمر الذي ألغى كل مفاهيم السيادة والكرامة الوطنية وفتح الباب على مصراعيه أمام النفوذ الخارجي وخاصة الأمريكي والإيراني

هؤلاء الذين تحملوا مسؤولية الحكم في العراق منذ عام 2003 وحتى هذه اللحظه  هم الذين أوصلوا البِلاد إلى هذا الوضع المزري، وبدعم من العمائم الطائفية بألوانها البيضاء والسوداء والبنفسجية ومن كل الطوائف دون استثناء.

لقد نجح المتظاهرون في تغيير الوضع السياسي الراهن في العراق، حيث بذل رؤساء الوزراء والمرشحون المتعاقبون الكثير من الجهود إرضاء المتظاهرين ووقف الاحتجاجات لكنهم فشلوا في تحقيق ذلك. ومن ثم دفع العنف المتكرر من قبل السلطات العراقية والمليشيات المسلحة العراقيين للخروج للشارع مرة أخرى، حيث أزعجت تلك الاحتجاجات السلطات والميليشيات لترد عليهم مستخدمة الذخيرة الحية والرصاص المطاط، والماء الحار، والغاز المدمع، والهراوات والسكاكين، كما سببت قناني الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي باستشهاد مئات وجرح عشرات الآلاف.

لقد اجبرت ثورة تشرين القوى السياسية على انتاج مفوضية انتخابات رغم الملاحظات عليها الا انها  تعتبر خطوة كبيرة  كان الحصول على مثلها اشبه بمستحيل  في  تمادي تفصيل مفوضية على مقاسات الأحزاب النافذة بكل انتخابات .

وايضا اجبرت القوى السياسية على الذهاب باتجاه قانون انتخابات النظام الفردي والدوائر المتعددة قيد الإنجاز وهو اكثر القانونين اعتمادا في العالم الديمقراطي لإنتاج تمثيل ديمقراطي حقيقي وعدالة في فرص الفوز والترشيح وإلغاء الدولة المكوناتية وتحقيق الدولة الوطنية ، وهو الأخر كان الحصول عليه اشبه بمستحيل .

وايضا عززت مبدأ الرقابة الشعبية واجبرت القوى السياسة على اعادة حساباتها وتقديم تنازلات لم يتكمن المجتمع الدولي بكل إغراءاته وضغوطاته ان يحقق ولو جزء بسيط منها واعادة الاعتبار للهوية الوطنية والولاء الوطن بعد كانت اغلب القوى السياسية تتمرس في حدود هوياتية ضيقة تصادر الهوية الوطنية وتتمادى في اعلان ولاءها وتبعيتها لهذا الطرف الإقليمي او ذاك .

ايها العراقيون الشرفاء ثورتكم انتصرت لم يبق أمامكم سوى الذهاب الى الانتخابات متحدين متسلحين بهذا الوعي الثقافي والوطنية الصادقة لكي تتبعكم الملايين لتغير قدر وطن آنذاك سوف تبدأون بتنفيذ كل ما لا يمكن ان  ينفذه سواكم  فلا تستعجلون  فالوقت لصالحكم ان تتولون القيادة او ان تشاركوا بها بفاعلية الوطن لايزال بحاجة لمعجزة ادارية لكي يستعيد عافيته ويبدأ دورة حياة دولة بعد ان كان بكل حسابات الأرقام يسير نحو انفجار سكاني وتراجع الموارد للحدود تحت الدنيا من احتياجات ابنائه فهذه ثورة المحرومين والكادحين والفقراء فحذاري من تخوينها.. فالوطنية والفساد لا يلتقيان ...

تعليقات

أحدث أقدم