هل للعراق من ترياق ؟

مشاهدات

 


 د. نزار محمود


ان من يقرأ المشهد العراقي بكل تراجيدياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لا يمكن إلا أن ينتهي في تحليله لأسباب ذلك بأن هذا العراق مريض قد أصابه سم لا تعرف أفعاه ولم يفلح العطارون  بعد له في وصفة دواء .


أجلس متصفحاً لكتب التاريخ وأقرأ ما مرت به بلاد وادي الرافدين من محن وعذابات فلم أجد ظلما أكبر مما يعيشه وريثها العراق في القرن الحادي والعشرين الذي يتباهى بزهو  البشرية  بحضارتها وقوانينها ووعيها ومؤسسات أمنها وعدالتها . عجز ما ذهبنا لهم من أطباء وعرافين وحكماء زمان عن علاج لهذا العراق لكننا تذكرنا ونحن في حمى عجزنا أن هناك في بلاد الهند والسند شيخ كبير عرف عنه أنه يربي نوادر من الأفاعي والحيات هرعنا نقصده لعلنا نجد عنده ما يفيدنا في مداواة العراق استقبلنا الشيخ في كوخ صغير تحيط به صناديق مسدودة عرفنا أنها مساكن أفاعيه انتابنا الرعب أن يتمكن أحدها من فتح مزلاج صندوق فيلدغنا ونصبح في اخبار كان يا ما كان !


سألنا الشيخ : من أي البلاد أنتم ؟ أجبناه : نحن من العراق ! نظر في أعيننا متعجباً وقال : أنتم من بلاد السومريين والبابليين والآشوريين ألم تكونوا أنتم من اخترع الكتابة ووضع القوانين وأقام السدود وسقى الأرض قبل آلاف الأعوام ؟ قلنا فخورين : بلى بلى..ثم عاد ليسأل : ألستم أرض النفط والسواد ودجلة والفرات ؟ هززنا برؤوسنا نعم أيها الشيخ الوقور 
قال : إن ما تبحثون فيه من دواء سوف لن تجدونه سوى في ما يسري في عروقكم من جهل ووحشية وغباء ! لقد اضعتم ضمائركم الانسانية وغدرتم بوطنكم الذي لم يعد راضياً عنكم ولم تعودوا تشرفونه انتم الافعى التي لدغت نفسها ابحثوا عن ترياق ضد ما أصابكم من سم في نفوسكم وقلوبكم وعقولكم . اخرجوا لا أريد ثمناً لمشورتي... فإن فلوسكم المسروقة حرام عليً ! في يأس كبير خرجنا من عند الشيخ ومضينا عائدين واذ برجل صالح يبتسم في وجوهنا ويروح يقرأ علينا من الآيات الكريمة : قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم  وومن يتق الله يجعل له من أمره رشداً .


اللهم اهدنا لما تحبه وترضاه



تعليقات

أحدث أقدم