صباح الزهيري
عندما اعتكف شمس الدين التبريزى مع تلميذه جلال الدين الرومي أربعين يوما ليكتبا قواعد العشق الأربعون كان آخر ما كتب : ﻳﻤﻜﻦ ﻷﻱ ﺷﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺗﻮﻫﺠﻚ لكنني سأختارك ﺣﺘﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﻨﻄﻔﻰﺀ ، ﺗﺄﻛﺪ ﺑﺄﻧﻲ ﻭﺇﻥ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻙ ﺳﺄﺧﺘﺎﺭ ﻋﺘﻤﺘﻚ . عندما أطلعني صديقي الصوفي على بوحه وجدته كاتبا : ايتها النقية كماء الوضوء , والعذبة كآية تتحدث عن الجنة.. أنت لست أول النساء ولست آخرهن , أنت كلهن , في هذا العالم أمرأه واحده هي أنت وما تبقى مشاريع نساء لم تكتمل , كل أمرأه ليس لها دفء صوتك باردة ولو كان بأمكانها أشعال الشتاء , كل امرأة ليس لها غمازة خدك حين تبتسمين كئيبة ولو جابت ضحكتها ارجاء الأرض , رائحة خبزك لا تبثه أفران العالم ولو تكاتفت , بيضة في مقلاتك تغني عن مطاعم العالم كله , مائنا يصير زمزم أذ تصبينه , وردة صغيرة في أصابعك باقة ماء , وضوئك يصير شراب ورد أذ يتناثر منك , سجادة صلاتك تصير مسجدا أذ يمسها جبينك .
العذريون كانوا يحبون الحب اكثر مما يحبون حبيباتهم , فالحب عندهم ليس وسيلة لعقد رباط مقدس بين رجل وحبيبته , انما هو غاية في ذاتها , على الحب وكل ماله علاقة به كالشوق والوجد ان يستمر , وفي اللحظة التي ينعقد فيها الزواج سيكون العذري قد حصل على الحبيبة ولكنه خسر الحب , انا احب كل من له علاقة بك , كأني بهذا احبك من جذورك , كأن قلبي يتسع كل يوم ليكون لائقا بك , ولا يضيق بشيء يخصك . عندما يمر ذكراك الذي يظهر بشكل ساقية او وجود , تسري في الروح بحيث تتقمص الرغبة المستبدة التي تدعو الى التعري والتبرد في ماء اشبه بماء الخليقة , آه كم اريد ان اسمع ضحكتك , اشتقت للغنج الكامن فيها . وتخشى أن يصلَ أحدهم إلى أعماقِ ذآك الشخص الذي جاهدتَ طويلاً لِتصلَ إلى عُمقه ، يصلُ بكُلِ يُسرٍ وأنتَ واقفٌ مكانكَ لا حيلةَ لك .. ثُمَ تنتهي . الحب ليس للشخص الذي يبهرك بشكله وكلامه وما حوله ، إنما للشخص المستعد أن يضحي بكل شيء في سبيل راحتك وأمانك , لاتزال تفتنني عبارة توصيف التصوف الإسلامي القائلة بأن التصوف هو لغة الأرواح في درجتها الأسمى .
يقول مانع سعيد العتيبة
أَداوِي جِراحِي بِصَبْرِي الجَمِيلِ فَلا القَلْبُ يُسلو وَلا الصَبْرُ يُشْفَى وَأَسْأَلُ ما سِرَّ هذا الثَباتِ .
إرسال تعليق