أطفالنا ومنهج الحياة المستدامة

مشاهدات



فاطمة المزروعي


يكتسب الأبناء ويتعلمون مهارات الحياة والقيم والعادات من أسرهم وحياتهم اليومية النشأة الأولى تساهم في تشكيل شخصياتهم وتطلعاتهم وأحلامهم وأمنياتهم وأطفال اليوم بيدنا أن نصنع شخصياتهم وتشكيلها بصورة إيجابية ورغم صعوبة التعامل مع الطفل في بعض المراحل وبالأخص في فترة المراهقة ولكن تلعب الأسرة والمدرسة دوراً كبيراً في تشكيل شخصيتهم المستقبلية . تقول المفكرة الأمريكية دوروثي لونولت : «حين يعيش الطفل التشجيع يتعلم الإقدام والثقة بالنفس وحين يعيش المساواة يتعلم العدالة وحين يعيش التسامح يتعلم الصبر ولكن حين يعيش السخرية يتعلم الخجل وحين يعيش الإدانة يتعلم الاتهام وحين يعيش العدوانية يتعلم العنف » . 

 

فالطفل يتأثر سلوكه بمن حوله لذلك لا بد من وضع منهج واضح وصارم في تعليم الطفل في السابق كانت المجالس تلعب دوراً كبيراً في تربية الأطفال وإكسابهم المهارات والمعلومات والمعرفة والعادات والتقاليد والمهارات والقيم المتوارثة من الأجداد إلى الآباء والأبناء لقد كانت المجالس مدارس وساهم هذا المنهج في تخريج الآلاف من الشباب فبرغم بساطته ولكنه نقل تلك القيم والعادات بطريقة جميلة وسلسة إن ماضينا مليء بالمفاخر وتراثنا قيم فيه الكثير والكثير الذي يمكن للطفل أن يتعلمه بإمكان الطفل اليوم أن يتعلم من أسرته في جميع مناحي الحياة وأن تنقل له التراث بطريقة بسيطة وتربطها بمناحي الحياة المختلفة إننا نحتاج نقل هذا التراث للطفل بطريقة إيجابية وممنهجة بحيث يقدّر الطفل قيمة تراثه ويعتز فيه فالتراث يشكل جزءاً من الثقافة وتطور الحياة الإنسانية ولا يمكن للطفل فهم تراثه إلا إذا ارتبط بيومه وأسرته وحياته ومدرسته ومجتمعه وطعامه وحديثه لذلك بإمكان أسرته أن تنقل له هذا الجانب أثناء التعاملات اليومية معه في آداب الحديث والسلام وآداب الطريق وآداب الضيافة وآداب الزيارة وصب القهوة وطريقة تقديمها وآداب الحديث والإنصات والبعد عن النميمة واحترام الجد والجدة والوالدين والاعتماد على النفس والمودة والرحمة والتسامح والفزعة والتكافل ومكارم الأخلاق واحترام كبار السن والتواصل مع الأرحام والجيران وعيادة المريض والحنو والعطف على الصغير وآداب المخاطبة واحترام حقوق الطريق الصدق الأمانة احترام المواعيد والحرص على الوقت كل تلك الصفات والقيم يتعلمها الطفل منذ طفولته ويكبر عليها . ويعتبر شهر رمضان فرصة لتعليم الأطفال هذه القيم فهو يراها بشكلٍ يومي ويتأثر بها من الكرم ومساعدة المحتاجين والزيارات العائلية وصلة الرحم والصلاة والصيام والتواصل مع الآخرين وتقوية العلاقات الإنسانية مع الأهل والأرحام والجيران وتقديم العون والمساعدة إن تربية الطفل على السنع (الاتيكيت ) والأخلاق والآداب وغيرها من القيم سوف يساهم في مواجهة المتغيرات الثقافية المتسارعة في ظل الازدحام السلوكي وخطر التطور الذي بات يؤثر على القيم الأخلاقية إن ثقافة السنع والاهتمام بها عبر الأجيال المتعاقبة مثلت حائط صد أمام التطور المتسارع وساعدت على تشكيل وتعزيز الهوية الثقافية وسوف تساهم في بناء جيل لديه حس نقدي وقادر على مواجهة الحياة، إن التراث يساهم في تشكيل هوية الطفل في حاضره ويهتدي به في المستقبل ويكسبه مهارات احترام تراث الآخرين وتجاربهم ومعارفهم فالخبرات الإنسانية تتكامل لتشكل إطاراً عاماً للإنسان . 

 

إن تعاون الأسرة والمدرسة والتنسيق بينهما وبين وسائل الإعلام هو أمر في غاية الأهمية حتى تشكل هذه الوسائط التربوية والتعليمية إطاراً موحداً يستقي منه الطفل سلوكاً يغرس في نفسيته تقدير التراث ومحبته والحفاظ عليه . إن القدوة والممارسات الفعلية والسليمة من خلال الخبرات اليومية داخل الأسرة أو في المدرسة أو في الحياة المجتمعية العامة يعتبر أفضل معلم يعلم الطفل فكرة وأسلوب الحب والاحترام للتشبث بتراثه وتاريخه الغني والزاخر ويبصره بإنسانيته وكينونته الممتدة في التاريخ.. ببساطة الطفل كالإسفنج يمتص جميع الممارسات التي تقع عليه من محيطه ولكن عصارات هذه الممارسات ستصبح مرئية عندما يكبر هذا الطفل.. وكلي أمل أن تتكاتف جميع المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية وغيرها مع الوالدين من أجل حياة مستدامة قائمة على القيم والعادات الإيجابية التي تعود بالنفع على الوطن والمجتمع .



المصدر : البيان

تعليقات

أحدث أقدم