الاجتماعات العائلية استدامة للروابط الأسرية

مشاهدات


فاطمة المزروعي

 

نحن نعيش اليوم التطور الحضاري والتغيرات السريعة  في المجتمعات بصورة مستمرة وبات مثل هذا الوهج له أثره السلبي على إضعاف مؤسسة عريقة مهمة في حياتنا ولا يمكن الاستغناء عنها وهي العائلة إن تلك النظرة التشاؤمية لم تأتِ من فراغ  بل هي نتاج لدراسات وأبحاث ونتائج طرحت بشكل موضوعي ودقيق كل هذا التسطيح والتجاهل لدور العائلة والضرر الذي أصاب أهم مؤسسة أسرية وحياتية حيث بتنا نرى بعض مظاهر التفكك والأنانية والقسوة في التعامل مع الوالدين من قبل الأبناء نسمعها ونراها بين الفينة والأخرى كلها قضايا دخيلة على مجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف .

 

إن الغياب المستمر لدور الوالدين بسبب الانشغال عنهم بظروف الحياة السريعة سبب لمثل هذه القضايا الدخيلة علينا التي قد تسبب مزيداً من العنف والتسطيح والقسوة وربما تصل إلى الضرب والانهيار في مفاصل الأسرة، لقد حث علماء الاجتماع على ضرورة تواصل الأسر واجتماع العوائل والتعرف على مشكلات أفرادها ومشاركة أفراحهم وأحزانهم والتواصل بشكل دوري نظراً لأهمية تلك اللقاءات التي تعود على الفرد والمجتمع وتزيد من عمق الروابط الأسرية وتعزز من الشعور بالأمن الثقة والمحبة وربما فرصة لحل المشكلات التي قد يواجهها البعض في حياته ربما أحياناً قد تتحول بعض اللقاءات العائلية إلى شجارات ومشاحنات إذا تم استدعاء بعض القصص القديمة أو المشكلات الحساسة بين الأخوة ولكن لا يمنع أن مثل هذه الاجتماعات لها أهمية كبيرة في حياتنا ربما لو رجعنا لحياة أجدادنا الماضية سوف نجدهم يجتمعون تحت أشجار الغاف والسمر لمناقشة أمورهم وقضاياهم وأفراحهم وسعادتهم وحياتهم وحتى تفاصيلهم الصغيرة وهموهم اليومية ومصادر عيشهم البسيطة وتفاصيل الزواج وتربية الأطفال وغيرهم كلها كانت تتم تحت سقف واحد كل يحترم الآخر ويحافظ على العشرة والعشيرة ويسود الأسرة نوع من التراحم والمحبة والتعاون إن اللقاءات العائلية في نظري هي الحل المثالي لحياة صحية مستدامة يسودها الحب والتواصل والتفاهم البيت هو المكان الذي تتجمع فيها العائلة ويدفعهم الحنين إلى زيارته وزيارة أحبائه والالتقاء بهم في الإجازات والمناسبات العائلية وغيرها . 

 

إن مجلس العائلة من الأماكن المهمة التي يفترض الحرص على زيارتها والنهل من خبرات الكبار سواء الجد أم الجدة أم أولياء الأمور والسعي لمناقشة قضاياهم ومشكلاتهم التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية . كما إنها فرصة لتلاقي الأجيال والتعرف على بعضهم بعضاً والنهل من خبرات الآباء والأجداد ولا ننسى أن الدين الإسلامي قد حرص على صلة الرحم والتزاور والتراحم والتلاقي بين أفراد العائلة لما له من مردود إيجابي وصحي على حياتنا التي يسودها الصخب والأشغال الكثيرة  وربما هي فرصة يكتسبها الصغار في مجلس الأجداد لمعرفة المزيد عن قصص الماضي وقد جاء في كلمة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله عن أهمية الأسرة : «إن الأسرة في فكرنا هي أساس المجتمع واللبنة الأولى في بنيانه ومصدر سعادته وتقدمه ونمائه وهي المجال المهم والملائم الذي تتشكل فيه رؤيتنا لأنفسنا ولدورنا في المجتمع والوطن والعالم وهي مصنع الأجيال والأساس المتين لتكوين رأس المال البشري في المجتمع والأسرة القوية هي المتطلب الأساسي للمجتمع القوي والناجح». إنها فرصة في هذا الشهر الفضيل لتقوية أواصر الرحمة والتراحم والتلاقي من خلال الاجتماعات واللقاءات العائلية دعونا نشجع الأجيال القادمة على التزاور والتراحم فيما بينهم استدامة لرابطة الأسرة وصلة الأرحام وتقويتها في ظل التكنولوجيا والتطورات السريعة الحاصلة في المجتمعات . 


المصدر : البيان

تعليقات

أحدث أقدم