(دَعِي الإبِلَ في سَيْرِها تَغِلُ)

مشاهدات



علي الجنابي

 

قَالتْ وضُرُوبُ الدَّمعِ في خَدَّيها سَلسَلٌ شَلْشَلٌ شِلَلُ :   

 

أوَتَرحَل أيا رَجُلُ! وذي عينيَّ والمُقَلُ بغبارِ الآهِ تكتَحلُ، وبِخِمارِ الواهِ تنخَمِل. أوَمَا تَرى كيفَ ضاقَت بيَ الحِيَلُ، وَيليَ مِنكَ يا رَجُلُ، وويليَ عليكَ وما نفعَت معكَ السُبُلُ، والهيامُ فيك قد خانَ، وبانَ في حِسِّكَ الشَّللُ، وخالَ خليلَكَ الخَللُ، وما سامرتُكَ يوماُ إلّا وشُحّ حرفِكَ، يغَلِّفَهُ الإمساكٌ والبَخَلُ! أيَا حَاديَ العِيس مَهلاً عليَّ، وإنصتْ إذ يتَحَشرجُ الغَزَلُ! أنصِتْ علَّ الرَّكبَ بعدَ الخطبِ يَنخَذِلُ، لمَ يا حَاديَ العِيس تَرتَحِلُ! إمَا ترى اَلآهَ في جَنبَيَّ تَبتَهِلُ. وَهَوناً عَليَّ بِصَبرٍ أنت أيُّها الجملُ، هَوناً عليَّ، لمَ العَجَلُ؟ فَهَلّا دَرَيتَ -عَرَضًا - مَا عَملُوا بِواهاتي ومَا فَعَلُوا:

 

فلقَد عَشِقتُهُ إذ َرَأسُهُ بِلَهِيب الشَّيبِ في سُعُرٍ ويشتَعِلُ، وإذ برعُمي غضَّاً وعلى أفنان الصِّبا بالزَّهوِ يَحتَفِلُ، وحُسني على منبرِ الحُسنِ وفي محرابهِ هوَ اللاتُ والهُبلُ، وقد رَجَت حِياضُ نَبضِي؛ أنَّهُ المُرادُ، وأنَّهُ الرَّجلُ، وقد شَجَت رِيَاضُ فَيضِي؛ أنَّهُ الودادُ، وأنَّهُ الأمَلُ، لكنُّهُ مِن رُفاةِ الأعَذارِ يَغتَسِلُ ، ومُعتَقلٌ ومَتَرَحِّلٌ مَتَوَحِّلٌ بَلَلُ، وَفِكرُهُ من شِتاتِ الأذكارِ يَعتَسِلُ، ومُتَنَقِّلٌ ومُتَنَفِّلٌ مُتَرَهِّلٌ ثَمِلُ، وماإنفَكَّ مِن ثَتَاتِ مَريجِ القولِ يعتَذرُ، ثمَّ يلوذُ فيعتزِلُ . وحِيناً يُلَمِّحُ بِخَفاءٍ: لا غرامٌ، لا هيامٌ، ولا قُبَل، وَحِيناً يصَرِّحُ بِجَفاءٍ؛ أنَّهُ الأفهمُ الأهيبُ، وأنَّهُ الأشيَبُ الكَهِلُ. وحِيناً يُجَرِّحُ بلا هَذَرٍ ولا حَذرٍ، ولا خَجلٍ ولا وَجَلُ ؛    

مَا عَادَ حَرفيَ لأطرَافِ النَّدى يَستَوصِلُ، ولا يَقُصُّ الخُطى ولا يَصِلُ. وما عَادَ ذَرفيَ في أعْرافِ النَّوى يستحصِلُ أنَّهُ المَثَلُ. وجِفني في ضَياءِ الغَرامِ يعشو، وبائرٌ حَائِرٌ وخَائِرٌ هَطِلُ. والصَّدرُ من غَمَراتِ الهَيَام في حِلٍّ وآزِلٌ جَفِلُ. ونَابِضٌ َبِهَيامِ يهابُهُ الكَلَلُ، ورابضٌ فيهِ وَمُحَلِّقٌ جَذَلُ. ولا يآبُهُ مَلَلٌ ولا شَلَلٌ ولا عِلَلُ ....

 

فَأطْلِقي الحَبلَ غَادَتِي، وأعْتِقي الإبِلَ في سَيْرِها ....... تَغِلُ

 وَدَعي ثنايا الرَّكبِ بِشَدوِ حَاديَ العِيس ترتَحِلُ و.... تَنشَغِلُ

وتَذّكَّري بَيْنَمَا ..... واردُ التَّوقِ والشَّوقِ في جَنبَيكِ مُشتَمِلٌ؛

إنّ الأعمارَ أقمارٌ منها هلالُ وأحدبٌ، وفيها البدر... مُكتملُ

وضِدّانِ رَيبٌ أن يَتعانقا وعيبٌ أن يتحانقا؛ الشَّيبُ و.. الغَزَلُ

فلا تَحزني ولا تغضَبي منّي أيا هِلالاً يأسرُ العُشّاقَ إذ.. يَهِلُ

ويا وجنَةً، تُحَوِّلُ الحالَ في نَيْهٍ، وتُغَوِّلُ البالَ في تَيْهٍ ويَنذَهِلُ

ويا زهرةً يَتَبارى سَبْقاً الى حُسنِها.... واديَ الرَّوضِ والجَبَلُ


 -----------------------------------------------

 (دَعِي الإبِلَ في سَيْرِها تَغِلُ)

(ضِدّانِ مريبٌ أن يَتعانقا، ومعيبٌ أن يتحانقا؛ الشَّيبُ والغَزَلُ، وليس لغادةٍ غَضةٍ ان تعشقَ مُسِنَّاُ هَرِماً).

ماءٌ سَلْسَل: عذب صافٍ. شَلْشَلَ الْمَاءَ: صَبَّهُ مُتَتَابِعاً. شِلَلُ: جمع شِلّة. تَغِلُ: وغَلَ أي دخل وتوارى بها. الثَّتَى: دُقاق التبن أَو حُسافَة التمر. آزِلُ: الآزل المحبوس لوجَع أَو خوف. نَيْه: نَاهَ نَوْهاً ونَيْهاً، ونَاهَ البَقْلُ الدَّوَابَّ: أَشْبَعَهَا دُونَ امْتِلاءٍ.

 

تعليقات

أحدث أقدم