الحركة العلمية لهيئة علماء المسلمين في العراق

مشاهدات

 


محمد الجميلي 

 

التجديد في الدراسات الإسلامية هو عنوان المؤتمر العلمي الرابع لهيئة علماء المسلمين في العراق والذي عقد في إسطنبول يومي 25-26 حزيران 2022 تحت عنوان : التجديد في الدراسات الإسلامية “مفهومه ومقاصده وضوابطه وتطبيقاته” والعنوان بحد ذاته يعطيك تصورًا واضحًا لفكر القائمين على المؤتمر والباحثين المشاركين فيه فهو تجديد ولكن وفق ضوابط شرعية وبلا انفلات وتأصيل بلا جمود وهذا ما سعت إليه الهيئة في مؤتمراتها العلمية السابقة .

 
فكان المؤتمر العلمي الثالث الذي عقد في عمّان عام 2019 عن الحركتين العلمية والفكرية في العراق في العصر الحديث بينما كان الثاني قبله بعام وفي عمّان أيضًا عن المقاصد الشرعية بين الإعمال والإهمال وبدأت باكورة هذه المؤتمرات العلمية في آذار 2017 بعمّان تحت عنوان : هيئة علماء المسلمين والشيخ حارث الضاري في ذاكرة الأمة وكان أول مؤتمر علمي للهيئة بعد وفاة أمينها العام الشيخ حارث الضاري رحمه الله وطيب ثراه وأعلى منزلته في جنان الخلد.

 
إن هذه الحركة العلمية التي خطتها هيئة علماء المسلمين في العراق وفق هذه العناوين الهادفة لمؤتمراتها الأربعة حتى الآن وفي زمن عصيب يمر به العراق في ظل احتلال غاشم وحكومات عميلة فاسدة جاهلة وما تمر به الأمة من حال لا يخفى على كل مسلم تدلل على صواب منهج الهيئة الشامل الذي انتهجه مؤسسوها المؤمنون بنصر ربهم والواعون لخطورة الاحتلال وتبعاته والمدركون لحقيقة الواقع المر الذي صار إليه الشعب العراقي والذي استهدف منذ اليوم الأول للاحتلال في عقيدته وأخلاقه وقيمه وكل مقومات بقائه ونهوضه.

 
إن المتابع للمؤتمر العلمي الرابع لهيئة علماء المسلمين في العراق وكل مؤتمراتها العلمية السابقة لا يملك إلا أن يُكبر هذا الجهد المخلص منها في الدعوة لهذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة ودفع الباطل والشبهات التي ما فتئ أعداء الدين يرمونه بها وبث الوعي ونشر العلم بين جيل يراد تجهيله وقطع صلته بدينه العظيم ودفعه -ببذل الشهوات ونشرها إلى السقوط في هاوية التردي التي رسمها له أعداء هذا الدين وأعداء العراق والأمة.

 
تحرص هيئة علماء المسلمين في العراق في كل مؤتمراتها العلمية على جمع أكبر عدد من الباحثين المخلصين لإحاطة الموضوع المقصود من كل جوانبه ولبيان مختلف الآراء حوله دون تشدد أو فرض رأي لتكون توصيات ومخرجات المؤتمر محققة للفائدة المرجوة من انعقاده وتلك لبنة مهمة في صرح هذا الدين العظيم الذي يراد هدّه أو خلخلته.

 
تؤمن هيئة علماء المسلمين في العراق أن علماء الأمة جميعهم مسؤولون عن نشر هذا الدين والدعوة إليه وعن حمايته من المخاطر التي تهدده والذب عنه مما يكاد له ليل نهار لذلك يجتمع في كل مؤتمراتها علماء من المشرق والمغرب على حد سواء دون نظر إلى بلد معين أو قومية معينة ودون تقيد بمدرسة فكرية أو مذهب فقهي وهذا يفسر فكر الهيئة الشمولي لا الحزبي الضيق ويؤكد فهمها العميق لحقيقة الدين وسنة النبي الأمين عليه الصلاة والسلام التي غفل عنها من حرص على دنياه قبل دينه، فضلوا وأضلوا.

 
إن اجتماع علماء الأمة من مختلف البلدان المسلمة الذي تحرص عليه هيئة علماء المسلمين في العراق وفي هذا العصر الذي جعل فيه الأعداء أمتنا مزقًا ودولًا متفرقة منقبةٌ عظيمةٌ تحسب لهذه الهيئة المجاهدة المصابرة فليس أعظم من الاجتماع ووحدة المسلمين في زمن الفرقة والتشرذم وليس أنفع من تلاقح الأفكار وتمازجها في وقت إعجاب كل ذي رأي برأيه.

 
إن إيمان هيئة علماء المسلمين في العراق بوجوب وحدة المسلمين واجتماعهم وعملها على ذلك هو إيمان بواجب الوقت الذي تحتاجه الأمة لتقوية ضعفها وزيادة أواصر المحبة بين أبنائها وشعوبها وهو إيمان صادق وراسخ بأن الأخوة الإيمانية واجبة كما الصوم والصلاة.

 
تستحق هيئة علماء المسلمين في العراق الشكر والثناء على هذا الجهد الكبير الذي تبذله في إقامة مؤتمراتها العلمية والذي يؤكد أن الهيئة لم يشغلها شيء عن شيء ولا جانب عن آخر بل قامت بكل ما ينبغي على هيئة أوجدها واقع الاحتلال فساندت مقاومة العراقيين له ودعمتها بكل الوسائل وباركتها ونافحت عنها وفرضت الاعتراف بها في مقر الجامعة العربية كما وقفت ضد مشاريع الطائفية والتجزئة بكل قوة إيمانا منها بالعراق الواحد المستقل وبوحدة الشعب بكل مكوناته وأطيافه ولم تشغلها كارثة الاحتلال في العراق عن هموم الأمة الأخرى ومناصرة قضاياها في كل المحافل والشواهد على ذلك كثيرة لا حصر لها ولم يشغلها العمل السياسي المطلوب في مناهضة الاحتلال وحكوماته المتعاقبة عن واجب الدعوة لدين الله ونشر العلم بين الناس وتأسيس المراكز الشرعية والعلمية وقامت بواجبها في إغاثة النازحين والمهجرين في مخيمات النزوح بما استطاعت في وقت تخلى عن هذا الواجب الكثير من القادرين عليه.

 
بارك الله في هيئة أسست على التقوى منذ أول يوم وقادها رجال مخلصون لدينهم ووطنهم وأمتهم وحافظت على منهجها وثبتت على مبادئها على الرغم من كل الكيد والتضييق والمحاربة من المبغضين والأعداء والحاسدين . 

 

ورحم الله الشيخ حارث الضاري حادي ركبها وباني أساس الحق فيها وجزاه عنا وعن العراق كله خير ما جزى مصلحًا في قومه ومجاهدًا في سبيل دينه ووطنه.

 

تعليقات

أحدث أقدم