وسائل التواصل الاجتماعي والتسابق نحو المثالية

مشاهدات
 

 ايمان  اهياض
 
إن تسويق الجسد والصورة والمثل الجمالية أصبح من شيم العصر ويشكل خطورة بالغة على متلقيه حيث عرفت مؤخرا وسائل التواصل الاجتماعي على رأسها الانستغرام والفيسبوك وسناب شات قفزة نوعية تتمثل في إدعاء المثالية وتقمص شخصيات عميقة ومثقفة إضافة إلى إعتماد تطبيقات تخفي كل العيوب نحو الكمال اذ أضحى من الصعب التمييز بين الواقع والتمثيل .
 
حيث أصبحت المقالات منقولة من صفحة لأخرى دون الاحتفاظ بإسم كاتبها حتى بات من الصعب ترقب مزاج أحد اصدقائك نظرا لكون التدوينة لا تمثل شخصه مثلا يوم العيد تجد العالم في تسابق وصراع عمن سينشر أول وأحسن صورة له بحثا عن صورة لحياة مثالية بشكل مبالغ فيه عبر الانترنت . حيث تجدهم يتسابقون عمن سينشر صورة له بأفخم ثوب للتباهي فيقلدون بعضهم البعض فالكل يقيم بأفخم الفنادق ويرتدي أغلى الثياب الكل جميل مثقف راق وينشر العلم والمواعض والقرآن فبشكل تلقائي لايمكن أن تنقل الصفحات الالكترونية تفاصيل مايجري في الحقيقة وعادة ما يميل مستخدمو المواقع إلى إضفاء لمسات تجميلية لحياتهم بدرجات مختلفة اذ كلهم يعيشون قصة حب ورومانسية حتى أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مكان للنفاق والتمثيل والتباهي نحو تقمص شخصيات وهمية يخفي خلفها مكامن ضعفه فمن هو إجتماعي في الواقع يحاول في العالم الافتراضي خلق صورة معاكسة له كنشر صورة توحي انه في عزلة مع الكتب ومن هو غير اجتماعي يحاول مجاهدا التقاط صور بين الحينة والاخرى في مقاهي مطاعم محاولا الادعاء انه في عالم آخر ولو كلفهم الأمر تغيير خلفيات المكان بالفبركة حيث أصبح  ألأمر سهلا  أصبح الكل ممثلا الكل جميل والكل سعيد والكل مثقف ولا مكان للفقراء والضعيف والقبح بيننا فعلا لقد سئمنا النفاق والتمثيل لدرجة الوقاحة والسذاجة وألإستحمار إذ تجدهم يقلدون ذاك وتلك حتى أصبحوا شخصية أخرى منافية تماما لذواتهم حيث لا مكان للجانب المظلم للانسان لا مكان للفقر والقبح إذ أصبحت وسائل التواصل ألإجتماعي وسيلة بخسة لادعاء المثالية والكمال حيث الكل يقلد الكل كتجسيد مسرحية تكون فيها أنت المخرج بشكل سخيف بخلق نسخة مزيفة له غير مطابقة  لشخصه . فلا مجال للمقارنة بين العالم الافتراضي والواقع ما أن تتصفح جدار الفيسبوك وألانستغرام إلا وتتشابه ألأقنعة والوجوه لهذا وجب ألإبتعاد عن كل علاقة جدية عبر وسائل التواصل وخلقها في الواقع نظرا لغياب المصداقية فالبعض يفرط في الحكايات عن حياته الشخصية لدرجة تثير الشك والعجب والبعض الآخر قد يقتص التفاصيل التي لايريد لاحد معرفتها ويتعمق في المقابل في التفاصيل التي يود أن يعرفها ألآخرين فيما البعض ألآخر ينقل صورا غير حقيقية ومنافية  تماما للواقع . حتى أن معايير تافهة أصبحت تجذب إنتباه الشباب بشكل مبالغ فيه حيث تجد نفس المقال ونفس المحتوى لكن واحد يحصد الاف اللايكات والتفاعلات والمدح نظرا لكون صاحبة المحتوى ترتدي قميصا يبرز أحد مفاتنها وألآخر رغم إنه يحمل نفس المحتوى إلا أنه لا يتلقى اي تفاعل أو حتى إعجاب لكون صاحبه رجلا فعلا شيء مقزز أن ننسى المحتوى ونهتم بالمظاهر حتى ان هاته الطرق اصبحت وسيلة للتسويق والترويج لبعض المنتوجات في كل من المواقع الالكترونية او حتى في الاسواق التجارية  المضحك ان البعض قد يغريه هذا الكم الهائل من التمثيل واللاواقعية حيث تجده يتدمر يوميا بمجرد مقارنته باشخاص وهمية تدعي المثالية وراء الشاشة أحمق من يعتقد إن عالما كذلك الذي يبدو في الفيسبوك أو ألأنستغرام أو سناب شات حقيقي واقعي ووردي كما يبدو عليه إذ إن معظم المشاهير عند إستضافتهم إلى برنامج الحقيقة ما أن ينصدم العالم بالوجه الثاني حيث تسقط الأقنعة حيث تجد ان أغلب الفنانين غير إجتماعيين حزينين بشدة تعرضو لعدة أزمات وخدلات من أقرب شخص لهم يعانون الفقر إضافة إلى إصابتهم بأمراض نفسية حادة احيانا نظرا للاشاعات والانتقادات الكثيرة والمستمرة التي تمس شخصهم ومحيطهم  لكن عند زيارة مواقعهم الالكترونية تجد وجها آخر وخير مثال من يمثلون الحب والرومانسية كل يوم وفجأة تسمع خبر طلاقهم على رأسهم الممثلة المغربية المشهورة دون ذكر الاسماء لهذا يجب على المتلقي أن ينظر بعقله وألا تغره المظاهر والصور أو ألأماكن فالحياة ليست وردية إلى ذلك الحد   ولا كاملة الحياة مزيج بين اسود وابيض بين عسر ويسر بين جميل وقبيح هذه هي الحياة . 
 
فالحياة جميلة بكل الوانها فلا داعي لتقمص ادوار او شخصيات مثالية كاملة لا تشبهنا او لنشر صور مزيفة او خلق عالم إصطناعي بعيدا عن ذواتنا  فأنت جميل كما أنت في كل حالاتك خصوصا عندما تتصالح مع ذاتك بعيدا عن كل تصنع او كذب أو نفاق . ينبغي على الشباب اليوم معرفة ان كل تلك الصور التي يتم تسويقها عبر الشبكات العنكبوتية  لا اساس لها من الصحة ولا تمت للواقع بصلة .


تعليقات

أحدث أقدم