المنظومة الخلقية الجديد

مشاهدات

 

ضرغام الدباغ


هناك من الناس من يطرح القضايا من نقطة وقوفهم فصاعداً وبدرجة فهمه لها ولا يتعدى هذه النقطة أذنه حساسة تلتقط ما توجه له شخصياً من كلمات إطراء (حتى وإن كانت مزورة) ويصم أذنيه عن أوجاع الآخرين .. وهناك من تكون رؤيته ذات زاوية صغيرة يفهم ما هو قريب جداً من إدراكاته .

 

كنت في مطلع شباب حين قرأت كتابا في الفلسفة يقول فيه كاتبه وأظن كان الفيلسوف البريطاني كولن ولسن وكنت معجباً جداً بهذا المفكر الذي قال مرة في انتقاده لشخص " أنه ينظر إلى الأشخاص من حيث مظاهره العامة " ثم انتبهت لاحقاً أن هناك أشخاصاً يحكمون على طبيعة الأشياء والأشخاص لأسباب سطحية جداً مثلاً ثيابه ونوع سيارته وربما حتى أسمه ..! وإذا بقيت المسألة في العموميات لحد الآن هي سهلة ولكن المصائب تبدأ حين يكون أشخاصا لا يتمتعون بأفق عريض ورؤية عميقة يتحكمون في مفاصل الأشياء بل أن بعضهم يتولى رسم حدود المستقبل . ومن تلك فنحن بحاجة ماسة إلى إعادة اعتبار وتقييم للمفاهيم  فنحن ما نزال نعتبر أن الكرامة الشخصية أمر في غاية الاهمية بل وربما لها قيمة مصيرية للناس اجمعين . في حين أن الأصح أن القيم العامة هي تلك التي تصلح للتعميم فقط فما يعني الفرد إذا كان أحدهم مثلوم الكرامة على الصعيد الشخص فهذا لا يلحق الضرر المباشر بالوطن والناس عامة . زمن غريب كل الغرابة أن الاختلاس والارتشاء وسرقة المال العام لم يعد عاراً بل ربما أن الأمر تطور خلال العشرين عاماً الماضية ليصبح ضربا من الشطارة والفهلوة  " أضرب الحديد وهو حام ". وكذلك الارتباط بالاجنبي والتجسس من تفرعاتها كان عاراً وشناراً ولكنه اليوم لم يعد كذلك وهنا أود الإشارة أن المنظومة الخلقية قد تراجعت بصفة مؤلمة ولكن موقف الناس من مفردات هذا التراجع متفاوت ولكن المنطق يقول " من يأت الكبيرة .... تسهل عليه (بالطبع) ارتكاب الصغيرة ".

 

هكذا ينبغي أن نفهم الامور أن المنظومة الخلقية هي وحدة متلازمة فلا يمكن التنازل عن واحدة والتمسك بأخرى وبتقديري أن المنظومة الخلقية تعني كل من أرتكب فعلاً يلحق الاضرار المادية والمعنوية بكافة الناس والبلاد . فيلحق ضررا عاماً فنهب المال العام هو ألحاق ضرر مباشر وإهانة وإفقار لجميع الناس قاطبة وسلب لقوت الناس مرتكبوا المعاصي والجرائم الصغيرة يحاسبون نعم ... ولكن مرتكبوا الجرائم الكبيرة ينبغي أن يعاقبوا على الملأ للردع ..

 

 

تعليقات

أحدث أقدم