ملعقة صدئة تهدد أمن إسرائيل

مشاهدات

 



عبدالهادي السعيدي 


لعلّها العجيبةُ الثامنة التي تُضافُ الى عجائب الدنيا السبع بعد أن تمكّن ستةُ سجناء فلسطينيون من الهروب من سجن جلبوع  الشديد التحصين في مدينة بيسان شمال إسرائيل والخروج الى عالم الحياة والحرية  عن طريق حفر خندق تحت أرضية حمام الزنزانة طوله 20 متراً وعرضه 60 سنتمراً استغرق الانتهاء منه عاماً كاملاً وكانت آلةُ الحفر فقط ملعقةُ طعامٍ صدئة !!


أي إرادةٍ وأي عزيمةٍ وأي حبٍ للحياة وللحرية  وهذا هو الأهم من الهروب ذاته ومن سُبُل الوصول اليه و رمزية أدواته فحيثما وجدت الارادة والرغبة وجدت الحلول والنتائج و تحققت المعجزات . كيف يمكن لملعقةِ طعامٍ صدئة أن تزلزل كيان إسرائيل وتذل كبريائها  وغرورها وتفضحُ مدى الهشاشة في أجهزتها الأمنية والاستخباراتية وسهولة اختراقها . إنها باختصار ملعقةُ الحرية التي أطعمت هؤلاء السجناء الأبطال الستة إكسير الكرامة والشجاعة وعزة النفس والسعي لانتزاع لقمة الحرية من براثن العدو الاسرائيلي المحتل  والخلاص من سجونه المرعبة وليس غريباً عن الفلسطينيين مجدداً أن يعطوا للعالم بأجمعه دروساً مجانيةً في الكفاحِ والصمودِ  والمقاومةِ وعدم الرضوخ و الاستسلام . ترى هل ستلجأ بعد ذلك الشعوبُ المقهورةُ في الأرض الى استخدام الملاعق لنيل حريتها و استقلالها و كرامتها بدلاً عن استخدام الأسلحة و تنظيم الثورات الارتجالية ورفع اليافطات والشعارات الوطنية المستهلكة ؟ وكم من الملاعقِ يحتاجُ العراقيون مثلاً لنيل حريتهم واستقلالهم من الاحتلالين الأمريكي والإيراني ؟ وهل ستكفي عقدين آخرين من الزمن ليتم الانتهاء من حفر أنفاق النور بدلاً عن المكوث طويلاً في جحور الظلام ؟  اذا الشعبُ يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر .. كل ما يحتاجه العراقيون هو ارادةٌ حقيقة وعزيمةٌ لا تلين وحبٌ للحياة لإنقاذ العراق وتحريره من أصفاد الجهل والتخلف وعبودية العمامة وتحطيم زنازين الفساد السياسي ومن قيود التبعية والولاء السلبي المرفوض فالعراقيون أولى بالحياة من حُكّامهم العملاء الذين سلّطتهم الولايات المتحدة على رقاب الشعب العراقي ظلماً وعدوانا وقد حان الوقت أن يَسمعَ العراقيون جميعًا أجراسَ الحرية وهي تَدقُ في كافة أرجائه .


ينتشرُ في العراق جلابيعُ عديدة يحكمُها جرابيعٌ قذرة لابد أن يُنقّب في أرضها يوماً عن حقولِ الحرية والكرامة بدل البحث والتنقيب المستمر عن حقول البترول التي يذهبُ جُلُّ ريعها و خيرها الى رجال السياسة والدين بينما يزداد الشعبُ فقراً و حرماناً و تغرقُ الدولةُ في عجزٍ مالي كبير تتآكل على إثره مشاريعُ الإعمار والخدمات و تتلاشى الوعود . بين ملعقةِ الحريةِ الفلسطينية وملعقةِ العبوديةِ العراقية فمٌ يتذوق طعم الحرية والكرامة وفمٌ آخر لا يروقُ له إلا لقمةَ الذل والمهانة !


تعليقات

أحدث أقدم