نظام ملالي طهران

مشاهدات




ضرغام الدباغ


أستغرب كثيراً حين أسمع أن الفئة السياسية الحاكمة في طهران هم من دهاة السياسة وأن الدهاء هي صفة عامة يتصف بها السياسيون الفرس . وبالطبع لكل شعب في العالم  عبر التاريخ له مأثره ليس بوسع أحد أو جهة تنتزع منه أرثه السياسي/ الثقافي/ الحضاري تحت أي دافع كان بسبب الخلافات أو الخصومات أو لأي سبب آخر .


ولكن ابتداء لنتفق أنه لا يوجد كيان سياسي أسمه  إيران قبل عام 1935 كانت هناك بلاد فارس وهو كيان غير محدد الأبعاد والشعوب المجاورة  (ترك.. وعرب.. وبلوش.. والبشتون.. وأقوام صغيرة شرقاً) كانت تقع ضحية نوايا التوسع الفارسية فلم ينجو شعب من شر الفرس وتآمرهم  ولكن كيف يتمكن الفرس وهو شعب صغير من تحقيق المكاسب ..؟ بسبب قلة حجم السكان وعدم وجود مساحة ثابتة لاعتمادها كمرجعية تاريخية والدهاء الفارسي هو في الواقع مهارة في حياكة المؤامرات والمراوغات والمماطلة والتسويف وإيصال الطرف أو الأطراف المقابلة لدرجة الإعياء من الملل والضجر والقرف أيضاً ثم بسبب عدم وجود مبادئ نهائية فهم على استعداد لعقد الصفقات العلنية والسرية خاصة والموافقة لأن يكونوا أطرافا في كل تفاهم/ تحالف/ تعاهد  قد ينجم عنه تحقيق مكتسبات . وقد لاحت مثل هذه السانحة في ذروة تألق الإمبراطورية العثمانية وذروة التألق فجرت الهواجس والمخاوف من وقوعهم  سياسيا وجغرافيا بين مطرقة الترك وسندان العرب لذلك هب الصفويون عام 1501 في تكوين كيان فارسي يسترخص كل التضحيات وبالطبع أخلاقيات التحالف لدرء الخطر الداهم ومن تلك الفعاليات أنهم سخروا قدراتهم لكل طرف دولي يعادي الترك والعرب ولعبوا دور المحارب حيناً والمشاكس حيناً متحالفين مع روسيا القيصرية وقوى أوربا الغربية وهو ما كان سببا لتنازل الباب العالي عن إقليم ختر لدولة فارس في مؤتمر برلين عام 1878. مكافأة على خدماته رغم أنها لم تكن من الدول المحاربة ولم تدعى لحضور ذلك المؤتمر ونالت بموجبه قضاء كوتور .  واخترعوا لكيانهم أسماً (إيران) يقربهم من الغرب على أنهم آريون في حين لا شيئ يشبههم بالآريون فهم على الأرجح من أقوام الهندية.  ولكن على أية حال لا يوجد شيئ أسمه إيران .. فهذا مصطلح سياسي / فني، لذلك لا يمكن القول مطلقا لغة إيرانية وثقافة إيرانية وبالتالي حضارة إيرانية .


وبعد الحرب العالمية الأولى ظهرت معطيات سياسية / اقتصادية جديدة في الشرق الأوسط، سياسياً كان هناك كيانات عربية (مستقلة وشبه مستقلة) وأخرى في سبيلها للظهور ليكون الطابع العام للشرق الأوسط عربياً مسلماً وكان الاتحاد السوفيتي ككيان كبير له دور ربما سيكون حاسما في قضايا المنطقة والعالم واقتصاديا ظهور النفط ودوره في الاقتصاد العالمي وفي الاستراتيجيات العسكرية لم يكن أشكال النظم الفارسية ممكناً فأرتأى الإنكليز وهم  القابضون على زمام الأمور في العراق والهند وإيران ولهم نفوذهم القوي في حوض قزوين فقرروا تأسيس هذا الكيان مقتطعين الأجزاء من هنا وهناك في الشمال والجنوب والشرق ليؤسسوا دولة إيران الحديثة  إذ لم يكن هناك كيان سياسي أسمه إيران قبل عام 1935 وهذا الكيان خلق ليكون أداة الغرب في المنطقة ضد الأتحاد السوفيتي والعرب والأتراك وهم من يمثلون دور الدركي المرخص في الخليج العربي في دور لعبوه تحت الرعاية والإشراف حتى يومنا هذا فكل هذه العربدة مرخص بها وكل شيئ يلحق الأذى بالعرب والمسلمين مقبول ومرحب به .  ومن سوء حظ الفرس كشعب شرقي يخلطون الخرافة بالأسطورة مع شعور وهمي بالعظمة ليتساووا مع غيرهم أو ليظهروا أنفسهم حتى بمنظر المتفوقين ... ومن مساوئ الحظ أيضاً أنهم وقعوا بين أمتين عظمتين : العرب والترك وهم شعب صغير مليئ بالأوهام والأحلام قادته مشاعره الدونية هذه لأن يكون شعباً اعتدائياً وشعور العظمة إلى إصابة شائعة بالبارانويا (Paranoia) فيميلون إلى استخدام عقلائهم ومجانينهم كلمات فخمة فيمنح الملوك أنفسهم لقب امبراطور: شاهنشاه بهلوي آريا مهر (ملك الملوك) والاميرات   شمس الشموس ورجال الدين منهم آية الله العظمى وحجة الإسلام والمسلمين . والميل العام للفخامة يصيب صاحبه بالتصور والفهم السطحي للأشياء والمصاب بالبارانويا يكون أعمى البصر والبصيرة فيعتقد أن الناس أجمعين مصابون بعمى الألوان يعيشون في الأوهام مثلهم في عوالم خرافية صنعوها بأيديهم فمثلاً يعتقدون أنه حيثما بلغت جيوشهم ذات يوم وفي أي عصر أرضا إيرانية وبهذا المعنى فإن العرب حكموا نصف العالم في عصور مختلفة والإنكليز مثلهم والترك وصلوا ضواحي موسكو والبحر الأسود كان بكل سواحله بحيرة تركية ... ولكن الفرس من شدة ضجرهم يحيكون القصص الخرافية ثم يصدقونها ...!


نظام طهران لا يملك شيئا بالمطلق (رغم ما يروجون من مساهمتهم العظيمة في الحضارة) من وسائل الإشعاع الفكري / الثقافي ... (حتى الدينية / الطائفية منها)  ولا حتى العسكرية منها ولا السياسية ففي آخر مغامرة لهم شربوا السم حتى الثمالة وما طرقهم الحالي على الأبواب إلا عربدة مسموح بها ولم يتجرؤا بها إلا بعد أن حصلوا على الموافقات الخطية . فنظام طهران لا يمتلك من عناصر التوسع شيئاً .... إلا إذا سمحت له القوى العظمى بلعب دوراً هم يحددون أبعاده ومداه . الملالي بمقامرتهم السياسية بدماء الشيعة خارج إيران هي لعبة سهلة بالنسبة لهم ولكنها دموية مأساوية بالنسبة للشيعة خارج إيران فهي تقامر بدماءهم في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين وحيثما أمتدت أصابعهم الخبيثة . ففي كل هذه الأقطار كانوا مستمتعين بكل شيئ وأحوالهم ممتازة لوكس اقتصاديا وسياسيا واجتماعياً يعيشون في سلام ووئام مع أبناء قوميتهم ووطنهم . شاهدت مسلسلاً إيرانيا (مترجم للعربية) أنتج في عهد الملالي مؤلف من 100 حلقة . من يمتلك الصبر ويشاهد هذا المسلسل سيمتلك فهماً عميقا لإيران والمعادلات السياسية ويستطيع بسهولة أن يتوصل أن حاكم إيران الحقيقي جهتان :  البريطانيون والأمريكان ومن المعطيات الحديثة نفهم أن الموساد الإسرائيلي يخترقهم حتى آخر خلية ففي الأشهر الأخيرة فقط قاموا بتصفية أحد مدراء مشروعهم النووي (محسن فخري زادة مهابدي) ثم حملوا وهربوا حمولة ثلاث شاحنات وثائق ..! وبالأمس فقط (13 / تموز / 2021) أخرجوا اثنين من كبار علماءهم إلى خارج إيران ... يذكر انه بين عامي 2009 و2011 اغتيل في طهران أربعة علماء نوويين إيرانيين يعملون ويدرسون الفيزياء النووية بشكل عام وجميعهم على صلة مباشرة ببرنامج إيران النووي هذا غير عمليات التخريب والتفجير ..


الملالي في طهران هم فئة قاع المجتمع من الجهلة والمتخلفين عقلياً ويعتبرون تفقههم بالتغوط والتبول والنكاح علم العلوم ..؟ وهم سبب بلاء إيران الحقيقي لا ولن تستقيم أمور إيران وهؤلاء الحشرات في السلطة وهم أوردوا إيران والشعوب الإيرانية المسكينة عذابات خيالية ... تعيش تخلف الملالي وسطوتهم  منذ 43 عاماً  فنظام الملالي مرشح للسقوط .. لم يبق داع وسبب لاستمراره .. الخارطة تغيرت وهي في طريقها لمزيد من التحولات.. معطيات 1935 تغيرت كثيراً وهناك مستجدات تستحق تعاملات جديدة .


تعليقات

أحدث أقدم