النساء ومعاناة المخيمات .

مشاهدات

 


 


سحر صلاح الخزاعي


لطالما تتعرض النساء الى ضغوطات حياتية كبيرة نتيجة عمليات التهجير القسري التي تحدث نتيجة الحروب والصراعات او جراء ضغوطات السلطات الدكتاتورية. عندما تندلع الحروب والصراعات داخل المدن تحدث معها عمليات تهجير لعوائل ومجتمعات واحياء كاملة هروبا من تلك الصراعات فتلجأ الى مخيمات لإيوائها . وهنالك انواع من التهجير فإما يكون الى مخيمات أو من مدينة الى مدينة أخرى أو الى دولة أخرى . والتهجير واللجوء الى المخيمات يحمل في طياته حياة مرهقة ومتعبة لكثير من النساء مع فقدان ابسط الخدمات الحياتية . فالعديد منهنَّ يجدن انفسهن أمام مهمات واعباء جديدة دون عوامل صحية وإنسانية فهي بحاجة الى ممارسة امومتها تجاه اطفالها بشكل صحي وأنساني ولكنها في الواقع تعاني فقرا ً يجعلها تعجز عن تقديم ماتحتاجه تلك الطفولة من عناية حقيقية فربما تكتفي في كثير من الأحيان الى تقديم اشياء شفاهية لتواسي اطفالها وهي تعيش شظف العيش والحرمان. المرأة بحاجة الى جدار يحميها ويجعلها تشعر بخصوصيتها وليس فضاء واسعا يشترك فيه الجميع وبحاجة الى عوامل صحية تلبي احتياجاتها واحتياجات العائلة كما انها بحاجة الى استقرار نفسي تستطيع من خلاله ممارسة دورها كأم مسؤولة عن اجيال قادمة . كل هذا لايمكن أن تجده في المخيمات مما يشكل ضغطا نفسيا عاليا عليها . وهنالك نوع ٱخر من الهجرة تحدث تلك التي تضطرها العوائل الى النزوح الى مدن أخرى او دول أخرى فتجد المرأة نفسها أمام مجتمع جديد بكل عاداته وتقاليده وهي هنا بحاجة الى إندماج وهذا ليس بالسهل وهي تعيش حالة الفقر والحرمان مما يضطرها الى التسول احيانا وهنا تبدأ المشاكل الحقيقية فتفقد القدرة على التربية والإعتناء بالعائلة مما يشكل انهيارا قيميا عاليا ً واحيانا تتعرض الى حالات التنمر من قبل المجتمع الجديد وربما ايضا الى التحرش الذي يمكن أن يدفعها الى الإنحراف .


ما يتعرضن له يشكل تهديدا كبيرا لبناء المجتمع . وتتعرض النساء كذلك الى هزات وانهيارات نفسية عالية قليل منهن من تستطعن الافلات من تلك المؤثرات وايضا الاطفال هم الشريحة الاشد تأثرا بمنزلقات التهجير والسكن في المخيمات والتي في الغالب تحوي خليطا متعددا يضطر للتعايش معا فتخلق اجيالا تعاني العديد من الأمراض النفسية والعضوية والثقافية وذلك يسفر عن سفر الأمراض المجتمعية حيث يهربون من واقعهم الأليم ومن ظلم نخر حياتهم واستبداد سلبهم شخصياتهم وحرياتهم ويعجزون تماما عن ايجاد حلول للفساد الذي يحيط بأركان بلدانهم . وتنشأ لديهم ذاكرة مشوهة مليئة بالأمراض والعقد . يبحثون عن حلول لأزماتهم ولا ملجأ في نهاية المطاف سوى بلدان وشعوب لطالما نسجنا حولها الأف النعوت والصفات وربما شتموها ولعنوها وقالوا عن قيمها وأخلاقها كل مايقال وما لايقال متكئين على هرم من المقولات الجاهزة التي انتخبوها من هنا او هناك ولكن في لحظة ما وأمام ضيق العيش يهرب اليها مستنجدا ً . ومن هنا تبدأ رحلة التناقض بأبهى صوره حين يتنفس حياة نقية هادئة ويسترخي ويتحرك تحت مسميات الحرية بشكلها الحقيقي وحين يستكمل كل اكتشافاته في مجتمع الغرب ويستنشق معها معاني الإنتماء لوطن جديد يفتح له ابوابا مشرعة للعيش بكرامة لاينسى البعض للأسف خزين ذاكرته المليء بالتناقض ليبدأ بث سموم اخلاقه المترسبة في جسد هذا المجتمع حيث يفصح بعضهم عن وحش كاسر بعد ان تنفس الصعداء حين وجد إنه قد استقر به المقام وتمدد على طوله في فضاء ذلك المجتمع ليعود لطبائعه البليدة نافثا احقاده وأمراضه ولا يستثني حتى ابناء جلدته الذين شاركوه الهروب من الواقع المرير في بلاد العرب والتي ما فتئت تطرد ابناءها . إن أمثال هؤلاء ممتلئون بالأمراض وغير مستعدين للاندماج في مجتمعاتهم الجديدة التي فتحت لهم اذرعها مانحة لهم كل الحقوق التي اوجبتها التعاملات الأنسانية والتي تضع الفوارق بين الأجناس خلف ظهرها . انها دول تمنح الطمأنينة ولكن البعض حين يطمئن تنبثق منه احقاد وأمراض كثيرة يستوجب معها البحث فعلا عن مخارج طبية نفسية لمعرفة اسباب هذا التناقض وهذا السلوك . سلوك ينطوي على مرض مزمن من النصب والاحتيال لان بعض السلوكيات من المخجل حقا ان تذكر هنا لأن مضمونها لا اخلاقي وبعض ضحايا تلك السلوكيات قد تكون من ذات اللاجئين وبعضهم لاينفك البحث عن ضحاياه دون ادنى وازع من ضمير . هؤلاء صورة سيئة تنخر في جسد مجتمعاتنا سواء كانوا في الداخل او في المهجر ويصبح علاجها صعب المنال وهي مليئة بالأمراض والأحقاد .


تعليقات

أحدث أقدم