مرارة الأدعياء ومن يتبعهم

مشاهدات



أمينة خيري


تسبّب طبيب فى إعاقات مزمنة لعدد كبير من مرضاه قرر أن يداويهم بدواء ابتكره من بنات أفكاره دون الرجوع للجهات الدوائية المختصة وهو ما نتج عنه أمراض تسببت فى إعاقات واتضح أن هذه الأمراض جارٍ توريثها من الأهل ممن حصلوا على الدواء لأبنائهم ثم أحفادهم ثم اتضح أن الطبيب «ساقط إعدادية» وذلك بعد عقود طويلة من عمله فى عيادات مختلفة فى ربوع البلاد . 


والمصيبة الأكبر أن الطبيب «ساقط الإعدادية» له تلاميذ من «الأطباء» ورّثهم صنعته ونقل إليهم «علمه» فانتشروا بدورهم فى البلاد يداوون العباد بالدواء نفسه المضروب. وعلى الرغم من إلقاء القبض على الطبيب وبعض من زملائه وأبناء عمومته فإن الإعاقات مستمرة فى الانتشار لا سيما أن الجانب الأكبر من المرضى ما زالوا يؤمنون بقدرة الطبيب وزملائه من «ساقطى الإعدادية» على العلاج الذى يسكن آلامهم الآنية ثم يتركهم نهباً للآثار الجانبية المزمنة . الزمن ينبئنا بأن الاستلاب الفكرى والنفسى والاجتماعى الذى وقع المصريون ضحية له منذ سبعينات القرن الماضى جارٍ تحريك طبقته الخارجية ومثول محمد حسين يعقوب أمام المحكمة وشهادته فى قضية «داعش إمبابة» مهمة وبحسب ما قال فهو حاصل على دبلوم معلمين ولا يُفتى فى الدين وأن طلبه المستمر الصلاة على النبى نابع من حبه للنبى وأن الفرق بين السلفى والتكفيرى هو أن السلفى سلفى والتكفيرى تكفيرى وأنه لا يعرف فكر الجماعات «الإرهابية» ولا مضمونه وكل ما يعرف عن «بن لادن» هو ما يرد فى الإعلام وأن جماعة الإخوان المسلمين «ماليين الدنيا».


لكن «مالى الدنيا» أيضاً «تعاليم» يعقوب على مر سنوات طويلة استحل خلالها لنفسه أن يخطب فى الناس ويفتيهم فيما ينبغى عمله وما لا ينبغى  والأقل ضرراً وخطورة فيما قاله وفعله كان استنفاره لجموع المسلمين المجاهدين فى سبيل الله من عموم المواطنين المصريين على التصويت بـ«نعم» فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية واصفاً إياه بأنه «غزوة الصناديق» ! الكلمة التى ألقاها فى مسجد «الهدى» فى إمبابة موثقة. وقال فيها بالحرف: «كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز واليوم يقولون لنا بيننا وبينكم الصناديق وقالت الصناديق للدين نعم » ثم دعا الحاضرين من المريدين والمضحوك على أدمغتهم أن يكبّروا تكبيرات العيد احتفالاً بالنصر الكبير الذى تمثّل على حد قوله فى أن «الدين هيدخل فى كل حاجة مش دى الديمقراطية بتاعتكم ؟ الشعب قال نعم للدين واللى يقول البلد ما نعرفش نعيش فيه أنت حر ألف سلامة عندهم تأشيرات كندا وأمريكا. مش زعلانين من اللى قالوا لأ بس عرفوا قدرهم ومقامهم وعرفوا قدر الدين» .


هذا ما قاله يعقوب الذى قال فى شهادته أمام المحكمة قبل أيام بعد ما أقسم بقول الحق ألا علاقة له بالسياسة وأنه لا يعرف «أمراء الإرهاب» الذين سُئل عنهم وأنه ليس سلفياً من أصله . المصيبة الأكبر مما قاله فى «غزوة الصناديق» وقبلها وبعدها أن بيننا من لا يزال يطلق عليه وعلى أمثاله لقب «شيخ» وفى ملايين «المرضى» الذى يخلفهم هو وأمثاله وراءهم ممن داووا المصريين بدواء تسبّب فى إعاقات عديدة يجرى توارثها وفى استمرار اتباع سياسة الباب المفتوح فيما يتعلق بفخفخينا خلط «الدين الجديد» بالسياسة بتبرير الفقر بتعليل الوباء.. والقائمة طويلة جداً «الدين الجديد» الذى سُمِح لهؤلاء باستيراده وتوطينه ونشره وتعميمه يُلحق أكبر الضرر ليس فقط بنا ولكن بالدين الأصلى الذى لا يعانى الأمرّين بل ثلاثة مرائر : مُرّ الأدعياء ومُرّ مَن يصدق الأدعياء ومُرّ مَن سمح لهؤلاء وأولئك بالمضىّ قدماً فى نشر المرارة .


المصدر : الوطن

تعليقات

أحدث أقدم