لا حوار وطنياً في ظل الاجتثاث و4 سنّة وحشد المليشيات !

مشاهدات


 

هارون محمد


يتفكه مصطفى الكاظمي في كثير من الأحيان ويأخذه الخيال إلى مسافات بعيدة من دون أن ينبهه أحد مساعديه أو واحد من مستشاريه وهم  كثر الى أن حديثه الأخير عن الحوار الوطني الشامل والابتعاد عن لغة التسقيط السياسي وهم  كبير في ظلّ وجود أكثر من سلطة في البلاد أقبحها سلطة السلاح التي تقودها المليشيات الولائية لايران وقد بلغ تغولها، إلى درجة أنها باتت فوق القانون وأقوى من القضاء والجيش والأجهزة الأمنية وسط تخاذل حكومي وانهيار قيمي .


ودعوة الكاظمي إلى الحوار الوطني ليست جديدة على الساحة العراقية وظهرت بداياتها على استحياء في العام 2005 خلال حكومة إبراهيم الجعفري التي أسست للاحتراب الطائفي أعقبتها حكومة نوري المالكي وفيها سقطت دعوات المصالحة والحوار في الحضيض بعد أن ابتدع رئيسها صيغة المعسكرات وحصرها بمعسكري الامام الحسين والخليفة الأموي يزيد بن معاوية وأقحم عرب العراق فيهما وفقاً لفهمه القاصر في حين تلاشت تلك الدعوات في حكومتي حيدر العبادي وعادل عبدالمهدي والأخيرة صنعّت الطرف الثالث كما هو معروف وسخرتّه لقمع انتفاضة تشرين وقنص شبابها في بغداد ومحافظات الفرات الأوسط والجنوب بل وصل بها الأمر إلى التفكير باستخدام الطائرات المروحية الهليوكوبتر لقتل متظاهري ساحة التحرير والمطعم التركي .


ويتوهم الكاظمي إذا اعتقد أن أمام العراق فرصة حقيقية لاستعادة دوره التاريخي في المنطقة والعالم برغم كل العقبات والتحديات لأن هذه الفرصة التي يتخيلها لا وجود لها في الواقع وعلى الأرض ودائماً فإن الفرص الحقيقية للإصلاح والتنمية والنهوض في أي بلد يتولاها شعب حر ونخبة سياسية وطنية ونزيهة وليست طبقة سياسية فاسدة ومليشيات قاتلة كما هو الحال في العراق اليوم ترافقها أصوات مرعوبة تشدد على تفعيل قوانين الاجتثاث وتدعو إلى قطع الأرزاق عن ملايين العراقيين كما في صيحات مقتدى الصدر الأخيرة وصخب نوري المالكي المستمر وهما يشكلان مركزي قوة ويمتلكان المال والسلاح والنفوذ !.


ثم كيف السبيل إلى مشاركة جميع المختلفين من قوى سياسية وفعاليات شعبية في حوار وطني والسلاح المنفلت سيد الساحة ومن يحمله قادر على تخريب أي مبادرة إصلاح واغتيال أي دعوة خير والتوازن الاجتماعي مفقود والخوف في أوساط الناس منتشر والحكومة عاجزة والبرلمان منقسم والجيش والأجهزة الأمنية مخترقة والقوانين سائبة والمحاكم منحازة !.


في مؤتمر المصالحة بالقاهرة الذي نظمته جامعة الدول العربية سنة 2005 رغب أمينها العام يومئذ عمرو موسى أن يجمع رئيسي الجمهورية جلال طالباني والحكومة إبراهيم الجعفري وجواد المالكي قبل أن يصبح نوري وهمام حمودي والشيخ الراحل حارث الضاري في خلوة سياسية تقتصر عليهم لتصفية القلوب كما كان يتصور الأمين العام ومساعده المرحوم أحمد بن حلي فاعتذر طالباني والجعفري بحجة أنهما مسؤولان تنفيذيان ووافق همام حمودي بتردد ولكزه المالكي صارخاً : اشتسوي هذا ابن الضاري.. يأكلنا ويشربنا ! في إشارة باطنية إلى قوة منطق الشيخ ووطنية طروحاته وثبات مواقفه فالذي يخاف من الاجتماع بخصمه السياسي مع أن الاجتماع لا يُلزمه بشيء كيف له أن ينخرط في حوار مع فئات شعبية أطلق عليها نعوتاً مبتذلة وأوصافاً شائنة لأنها طالبت بحقوقها في حراك سلمي وحضاري استمر أكثر من عام .


الحوار الوطني الحقيقي في كل مكان وزمان يقوم على التوازن السياسي والاجتماعي وغياب الاستقواء وعدم هيمنة طرف أو أطراف عليه ولا يشارك فيه حملة السلاح وقادة المليشيات ولا تتحكم به إرادات أجنبية وأجندات خارجية ويستلزم قبل ان تُعقد جلساته إذا حسنت النيات وتوفرت الصدقية اتخاذ إجراءات ملموسة في تصنيف الشعب بمرتبة واحدة وإلغاء قوانين الاجتثاث والمساءلة وتنقية الجيش والأجهزة من الشوائب وخلايا ضباط الدمج وإعادة النظر في القضاء الذي يُطلق سراح القتلة ويُجرَم الأبرياء ويستدعي أيضاً الإفراج عن ضحايا المخبر السري وقانون 4 سُنٌة وسحب المليشيات من المحافظات والمدن وعودة النازحين إلى مناطقهم واسترداد أملاكهم وممتلكاتهم هذه بعض مقدمات الحوار الوطني فهل الكاظمي بوصفه رئيس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة قادر على اتخاذ قرارات بشأنها ؟.


أشك شخصياً وفقاً للوقائع السائدة والمعطيات السياسية القائمة فما دامت في العراق نماذج من أمثال : أبو فدك المحمداوي وقيس الخزعلي وأبو آلاء ولائي وأبو شبل الزيدي ورفاقهم المنغمسون بالدم والسطوة وفوضى السلاح وما دام هناك فاعلون سياسيون يرون في أنفسهم أعلى درجة من الآخرين أمثال المالكي ومقتدى الصدر وهادي العامري وزبانيتهم خلف عبدالصمد وحسن الكعبي ومحمد الغبان وغيرهم من الذيول وأصحاب الضجيج ودعاة التهريج فإن من الصعب بل من المستحيل عقد حوار سياسي رصين أو مصالحة وطنية سليمة ودعوة الكاظمي إليهما أقرب إلى قصيدة شعر مفككة وأشبه بخطاب مختل والأيام والشهور والسنوات بيننا.


تعليقات

أحدث أقدم